فإنّه نوع من الضعف النفسي الذي ينبغي التعالي عنه. ولعلّ الباء في قوله «بالمودة» جاء بمعناه الحقيقي على أن يكون المفعول لقوله : «تلقون» متروكا ليفيد الإطلاق ، فلا يجوز إلقاء أيّ شيء بسبب المودة ، فلا يجوز السلام بالمودة ، ولا الكلام بالمودة ، ولا التعاون بالمودة ، ولا أيّ شيء آخر بالمودة ، بلى. قد يجوز كلّ ذلك للضرورة أو المصلحة ، وليس بالحب والمودة ، والله العالم.
ولكن لماذا كلّ ذلك؟ للأسباب التالية :
أوّلا : الصراع المبدئي بينكم وبينهم.
(وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِ)
فهم لا يعترفون بالأمّة الإسلامية وحقّها في الوجود ، لأنّ الاعتراف بأيّ مجتمع يبدأ من الاعتراف بقيمه ومبادئه وقد كفروا بهما حينما كفروا بالرسالة الإلهية ، ولا ريب أنّ هذا اللون من الكفر ينطوي على التحدي والعداء ، بل هو استهزاء بمقدّسات المؤمنين ، فهل يصح بعدئذ للمؤمنين أن يوادّهم؟ كلّا ..
ثانيا : محاربتهم للقيادة الرسالية وللمؤمنين ، عداوة لله ، وترجمة عملية لصراعهم مع الحق.
(يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ)
إنّهم لا يريدون إلّا الباطل الذي يبرّر وجودهم ، ويوصلهم إلى شهواتهم ، وهذا هو السبب لمحاربتهم المؤمنين ، وليس ما تعكسه وسائل إعلامهم من ضلالات يبرّرون بها بغيهم وفسادهم ، وليس بالضرورة أن يبادر الظلمة إلى اعتقال المؤمنين وطردهم من بلادهم مباشرة ، إنّما يصطنعون أجواء الكبت والإرهاب التي