وقد نزلت هذه الآيات في المدينة بعد ما قويت شوكة المؤمنين ، لذلك يفترض تعالى تمكّن المشركين منهم افتراضا ، ويعزّز صدق قوله عزّ وجلّ أنّهم أخرجوا الرسول (صلّى الله عليه وآله) والمؤمنين منذ قبل من بلادهم مكة حيث كانوا أقوياء.
كما أنّ الأعداء لا يعترفون بأنّ المؤمنين أمّة مميزة ، بل تجدهم يسعون إلى إعادتهم إلى ربقة الكفر.
(وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)
هكذا يكشف الوحي طبيعة الأعداء ، ولعلّنا نستفيد من الآية بأنّ موالات الكفّار ومودتهم تنطوي على خطر عظيم قد يقع فيه من يفعل ذلك وهو الكفر بالله سبحانه.
ثانيا : ثم إنّ المؤمن الحق هو الذي يعتبر الإيمان بالآخرة والتفكير فيها حجر الزاوية في سلوكه ، والصراط المستقيم «سواء السبيل» هو أن يقدم الإنسان على ما ينفعه في الآخرة ، وليس ينفع المؤمن ولاؤه للكفّار إذ تتلاشى يومئذ كلّ الروابط غير الإيمانية.
(لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ)
وهم أقرب الناس إلى الإنسان فكيف بالآخرين؟ والسبب أنّه لا تبقى صلة بين الناس لأنّها متأسسة على الإيمان بالله واليوم الآخر ، أمّا الأخرى المصلحية والعاطفية فهي محدودة بالدنيا وتنتهي عند حدودها.
(يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ)
وهنا لك يتضح الانفصال الحقيقي بين المؤمنين والكافرين ، وبين الأرحام