بالباطل هو الوجه الآخر لولاء الحق ، وقد أكّد الله ذلك في قوله : (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها) (١) ، ويجب أن لا يكتفي المؤمنون بمجرّد الكفر الباطن ، إنّما ينبغي ترجمة ذلك عمليّا في واقع الحياة ، كما كان إبراهيم (عليه السلام) والمؤمنون معه.
(وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ)
هذه هي الصورة الحقيقية والسليمة التي يجب أن تكون عليها علاقة المجتمع المؤمن بأعداء الله عزّ وجلّ ، متمثلة في إعلان العداء على الاستمرار ، لا تقطع ذلك عاطفة ولا شهوة أو مصلحة.
(أَبَداً)
بلى. إذ اهتدى المشركون والضالون إلى الإيمان بالحق ، لا يبقى بعدئذ مبرّر لموقف البراءة (الكفر ، إظهار العداوة والبغضاء) ، ذلك أنّ المؤمن لا يعادي أحدا لعنصرية أو قومية أو بسبب أحقاد متوارثة أو مصالح متضاربة ، إنّما تقوده المبادئ في كلّ مواقفه ، وكما يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في صفته : «قد أمكن الكتاب من زمامه فهو قائده وإمامه يحل حيث حلّ ثقله ، وينزل حيث كان منزله».
(حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ)
وهذا المقطع يفسّر قوله تعالى في الآية (٧) : (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) بأنّ المودة بين المؤمنين والأعداء تكون إذا آمن أولئك ونبذوا الأنداد والضلال أو سلّموا لقيادة المؤمنين.
__________________
(١) البقرة / ٢٥٦