أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ* وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (١).
(وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
أي ان كنتم أعطيتم الميثاق الاول بالطاعة لله وللرسول فأنفقوا.
قال البعض : إن ميثاق عالم الذر لا يصلح للتحريض ، لاننا لا نتذكّر ذلك الميثاق فكيف يكون حجة علينا؟ قال عطاء ومجاهد والكلبي والمقاتلات : يريد حين أخرجهم من ظهر آدم ، وقال : «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى» ، وردّ عليهم الفخر الرازي : وهذا ضعيف ، وذلك لأنه تعالى إنّما ذكر أخذ الميثاق ليكون ذلك سببا في انه لم يبق لهم عذر في ترك الايمان بعد ذلك ، وأخذ الميثاق وقت إخراجهم من ظهر آدم غير معلوم للقوم إلا بقول الرسول (ومضى يردّ على رأيهم حتى قال :) فعلمنا أنّ تفسير الاية بهذا المعنى غير جائز (٢) ، والحال أنّ الله لم يأخذ الميثاق ويشهد بني آدم على أنفسهم إلّا لكي يستأديه في يوم من الأيام عبر رسله وأوليائه ، وحججه ، وهو مودع في قلوبهم بصورة معرفة وايمان فطري ، والشاهد والمتقدّم من سورة الأعراف ظاهر وظهير لهذا المعنى.
ويحتمل ان يكون معنى الايمان هو الجانب العملي منه المتمثّل في الإنفاق ، فيكون المعنى : إن كنتم مؤمنين حقّا استجيبوا لدعوة الرسول بالإنفاق.
وقال البعض : إنّ معنى الاية : آمنوا إن كنتم ممن تكفيه هذه الشواهد.
[٩] ومرة أخرى نتساءل : لماذا يرفض الإنسان الايمان ، انه ليس خسارة ، بل هو ربح عظيم ، لأنه يخرجه من الظلمات الى النور ، من ظلمات الظلم الى نور
__________________
(١) الأعراف / ١٧٢ ـ ١٧٤
(٢) التفسير الكبير عند تفسير الآية.