الإسلامية وسيلة لفرض الإسلام.
الثانية : أما كيف يتحول عداء الكفار الى مودة للمؤمنين ، فإن الإنسان حينما ينبهر بقوة قاهرة يتحسس بالود تجاهها ، حتى لقد ثبت في علم النفس الاجتماعي أنّ الشعوب المغلوبة تود القوى القاهرة ، وتقلدها في الأفكار والسلوكيات في الغالب ، وحيث كانت القوة في بادئ الأمر للكافر كان يخشى أن يميل المؤمنون إليهم بالمودة ميلا ، وبالذات لأنّ فيهم الأرحام والأقارب ، أمّا إذا تحول ميزان القوى لصالح المسلمين بالغلبة والقوة فإنّ المودة ترتجى أن تكون من قبل الكفار لهم ، ولعل التعبير ب «منهم» يشير إلى ذلك.
و «عسى» هنا تفيد الرجاء القريب ، مما يحيي روح الأمل بالله في النفوس المؤمنة ، ويلاحظ أنّ القرآن يعبّر بعسى ولعلّ في مواضع كثيرة ، دون أن يقطع ويحتم ، مع أنّ كثيرا من الأمور هي واقعة في علم الله ، وذلك يهدينا إلى أنّ الطبيعة ليست جامدة ، وإنما تخضع لأمرين : المشيئة الإلهية ، وإرادة الإنسان ، ولم يحتّم ربنا نصر المؤمنين ، وتحول ميزان القوى لصالحهم في المستقبل حتى لا يتواكلوا ، أو ينتظروا الإرادة الإلهية تغيّر الأمور بوحدها.
(وَاللهُ قَدِيرٌ)
على صنع ذلك فيستسلم المشركون لأوليائه أو يهديهم إلى الإسلام ، فتعود المودة بين الفريقين.
(وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
ومن غريب ما قاله المفسرون في هذه الآية هو تأويلهم لها في أبي سفيان ، بأنه من المعنيين بقوله تعالى (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ) ، مع أنّ الآيات نزلت قبل