العلاقة مع الكفار المسالمين فانه لا يفرض قيدا محدّدا على المؤمنين ، وذلك يعني أنهم (قيادة ، ومجتمعا) هم الذين يشخصون الموقف ، وطبيعة العلاقة المطلوبة حسب متغيرات الواقع. وقد جاء في الأثر : أنّ أسماء بنت أبي بكر سألت النبي (صلّى الله عليه وآله) : هل تصل أمها حين قدمت عليها مشركة؟ قال : «نعم» (١)
[٩] ويعود السياق ليؤكّد الأمر بالمقاطعة وينهى عن التولي :
(إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ)
بالتحالف مع الأعداء المحاربين ، أو إعانتهم بأيّة صورة ووسيلة ، فإنّه محرّم عليكم أن تتولّوهم أو تبرّوهم ، ومن يتولهم يشاركهم في كلّ ظلم يصل إلى المؤمنين من قبلهم ، ويناله العذاب من عند الله ، ويجب على المؤمنين في الدنيا احتسابه من الجبهة المعادية ، والوقوف منه كموقفهم من الظالمين أنفسهم.
(أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
وبالمقارنة بين الآيتين (الثامنة والتاسعة) نتوصل إلى التالي :
١ ـ إنّ إباحة البرّ والقسط تجاه غير المحاربين من الكفار ، وعدم تعرض الآية لذكر التولي لا يعني أنّه سائغ ، كلّا .. إنّما يعني بأنّ حدّ الإباحة هو البر والقسط دون التولي.
٢ ـ إنّ مجرد البر والإقساط للكفار المحاربين محرم على المؤمنين ، ولكن لماذا؟
__________________
(١) القرطبي / ج ١٨ ص ٥٩