(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)
وليس التسبيح يصنع منه إلها (كما هو الأمر بالنسبة للآلهة المزيّفة التي يصنعها الناس بانبهارهم بها) بل هو بذاته إله لا يزيده تسبيح أحد شيئا ولا ينقصه عدمه أمرا! لأنّه لم يزل عزيزا حكيما.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
تتجلّى عزّته وحكمته على مسرح الخلائق كلّها ، وفي ساحات الجهاد بالذات ، ذلك أنّ نصره العزيز للمؤمنين به مظهر لعزّته ، أمّا حكمته فإنّها تتجلّى حين لا ينصر إلا من نصره واتبع نهجه.
[٢] وينهر السياق المؤمنين عن صفة من صفات النفاق ألا وهي الطلاق بين القول والعمل ، وقد تساءل بعض المفسرين : كيف تخاطب المؤمنين وتنهرهم عن الازدواجية في النفاق؟ أو ليسوا مؤمنين بينما تلك الحالة من صفات المنافقين؟! بلى. بيد أنّ المؤمن لو لم يكن حذرا وقع في حفرة من حفر النفاق ، وباستثناء الكملين يحمل كلّ فرد (وحتى المؤمنين) بعض صفات النفاق ، كالخلف ، والكذب ، وإذا ما بلغ الأمر إلى حد سيطرة هذه الصفات على مجمل حياته لحق بالمنافقين ، وقبلئذ يبقى المؤمن يجاهد نفسه لتطهيرها من صفات النفاق جميعا. والتناقض بين القول والفعل ، بين الشعار والواقع ، هو من أسوأ ما يتورّط فيه المؤمن ، لأنّ ذلك يضعف شخصيته في المجتمع ، وثقة الآخرين به ، بل وثقته بنفسه أيضا ، لذلك حذّر لله منه فقال :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ)
وكان هذا بعد واقعة بدر حيث عمّق النبي (ص) حب الشهادة في من حوله ،