أرادت الأمة الإسلامية أن تعود إلى عزّها ومجدها ، وتبني حضارتها ، فلا بد أن تردم الفجوة بين ما تقول وما تفعل ، بأن تنعكس قيمها على مجمل حياتها.
ولا شك أنّ مقت الله على من يقول ما لا يفعل يزداد كلّما عظم الأمر الذي ينقض فيه كلامه وعهده ، وحيث أنّ عهد المؤمن بالتسليم للقيادة الرسالية هو أكبر المواثيق في الحياة بعد التوحيد فإنّه يكون عرضة لأشد ألوان المقت الإلهي عند نقضه العهد معها. فلا غرابة إذن أن نقرأ تأويلا لهذه الآية في غدير خم ، لأنّه أعظم المواثيق التي أخذها الله ورسوله (ص) على المؤمنين إلى يوم القيامة.
والآية تعمّ كلّ مصداق للقول دون العمل به كالمواعيد ، قال الإمام الصادق (ع) : «عدة المؤمن أخاه نذر لا كفّارة له ، فمن أخلف فبخلف الله بدأ ، ولمقته تعرّض ، وذلك قوله :» (١). الآيتين ٢
[٤] وهناك مثل أجلى للفجوة بين القول والفعل نجده في قضية القتال في سبيل الله.
(إِنَّ اللهَ يُحِبُ)
كلّ من يفي بوعده ، ويقف عند كلمته ، ولكن عند ما تكون كلمة المؤمن في القتال من أجل الله ، ثم يفي بها وفاء تامّا وكاملا (بالقتال ضمن شروطه الشرعية) فإنه آنئذ فردا وجماعة وأمّة يكون موضع حبّ الله بصورة خاصة ، وحب الله يعني توفيقه وكرامته لأهل حبه في الدنيا والآخرة ونصره لهم.
(الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ)
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ـ ص ٣١٠