عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ ، الذي أعلن لبني إسرائيل أنّه يشكّل امتدادا لرسالات الأنبياء ، فقد سبقه موسى وسوف يلحقه محمد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، فهم صف واحد. وهكذا ينبغي أن تلتحم مسيرة المؤمنين بهم ، ويجتمعوا تحت راية النبوة وقيادة من يحمل تلك الراية.
(وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ)
إذن ليس هناك أي تناقض بين الرسالات والقيادات الإلهية ، إنّما يكمل بعضها بعضا ، فعيسى ـ عليه السلام ـ مصداق للقيم التي جاءت بها التوراة ، ورسالته مصدّقة لها ، ولكن لا تعني التوراة تلك التي بين أيدي الناس اليوم فإنّها محرّفة ، وقد لعبت بها أهواء اليهود الذين سرّبوا إليها الثقافة العنصرية.
(وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)
وأحمد على صيغة أفعل فهو أحمد لله من سواه.
قالوا : الأنبياء كلهم حامدون لله ، ونبينا محمد أكثرهم حمدا ، وقد نقلت الكلمة من صيغة (أفعل للتفضيل) إلى الاسم.
وبالرغم من أنّ يد التحريف امتدت إلى العهدين المقدّسين عند اليهود والنصارى إلّا أن هناك إشارات لا تزال تشهد بأنّ عيسى ـ عليه السلام ـ قد بشّر بالنبي محمد .. ومنها النص التالي : «لكنّي أقول لكم الحق إن انطلق ، لأنّه إن لم أنطلق لا يأتيكم (البيركلتوس) ، ولكنّي إن ذهبت أرسله إليكم». ويقول : إنّ لي أمورا كثيرة أيضا لا أقول لكم ، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن ، وأمّا متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق ، لأنّه لا يتكلّم من نفسه بل كل