وصيفة ، وقال : ويعطي الله المؤمن من القوة في غداة واحدة ما يأتي على ذلك كلّه» (١)
وفي دار الدنيا متمثلا في النصر والفتح والتحرّر ..
(وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)
قيل : بشّرهم بالنصر لما في ذلك من السرور ورفع المعنويات ، ويبدو لي أنّ البشارة هنا تنصرف أيضا إلى أشياء أخرى غير الجنة والنصر ، من أبرزها لقاء الله ورضوانه. وهنا ملاحظة نستوحيها من أمر الله للرسول بتبشير المؤمنين هي أنّ على القائد أن يثبّت روح الأمل والرجاء في صفوف أتباعه على الدوام ، ليرفع من معنوياتهم ، ولكي لا يفقدوا حماسهم وأملهم بسبب التحديات التي في الطريق.
وهذه الآيات الكريمة تحدّد الإستراتيجيات الأساسية للجهاد ، فهو على صعيد الآخرة وقبل كل شيء يجب أن يستهدف النجاة من النار وغفران الله وكذلك الجنة ، وعلى صعيد الدنيا النصر والفتح ، والفتح أشمل من النصر ، فالنصر هو هزيمة العدو عسكريّا وقد يكون محدودا ، بينما الفتح هو الإنتصار الشامل وفي كلّ الأبعاد.
وتأكيد ربنا على أنّ الهدف الأخروي هو الغاية العظمى للجهاد من شأنه السمو بروح المؤمنين إلى سماء القرب من الله ، وعلاج أي حالة من حالات التوقف التي قد يبتلى بها المجاهدون بسبب اليأس من طول الإنتصار ، فإنّ الجهاد ليس موضوعا للانتصار على العدو وحسب بل لنيل رضوان الله ، وهو واجب شرعي وفريضة كالصلاة والصيام لا يسقطها عن كاهل المجتمع أو التجمعات الرسالية مجرد أن
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ـ ص ٣١٨