والوصول إلى الأهداف والتطلعات إلّا بمسايرة الوجود بقيمه وسننه في مسيرته الصواب ، من خلال الاعتراف بالعجز والنقص المرتكز فيه والمعرفة بكمال ربّه المطلق ، ومن ثمّ تسبيحه والخضوع له. ولأنّه تعالى لا تدرك ذاته الأبصار ولا العقول ولا الأوهام فقد جعل أسماءه وسيلتنا إليه وذكّرنا بها فقال :
(الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)
قال أبو جعفر (عليه السلام) : «خلقها وسيلة بينه وبين خلقه ، يتضرعون بها إليه ، ويعبدونه ، وهي ذكره» (١) وعن الرضا (عليه السلام) قال : «هو نفسه ، ونفسه هو ، قدرته نافذة فليس يحتاج أن يسمّي نفسه ، ولكنّه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها ، لأنّه إذا لم يدع باسمه لم يعرف» (٢)
وإذا كنّا نريد معرفته بأسمائه فلا بد أن نتيقن بأنّها غير ذاته سبحانه ، ففي الخبر عن الصادق (عليه السلام) : «فلو كان الاسم هو المسمّى لكان كلّ اسم منها إلها ، ولكنّ الله معنى يدلّ عليه بهذه الأسماء ولكنّها غيره» (٣) ، ولا بد أن يتذكر الإنسان هذه الحقيقة وهو في طريق العرفان بربه حتى لا تذهب به المذاهب ، فيحاول كما فعل بعض الفلاسفة والمجسمة أن يتصور ربه بوهمه أو بعقله المحدود فيضلّ عنه إلى خلقه ، فقد «تاهت هناك عقولهم ، واستخفت حلومهم ، فضربوا له الأمثال ، وجعلوا له أندادا ، وشبّهوه بالأمثال ، ومثّلوه أشباها ، وجعلوه يزول ويحول ، فتاهوا في بحر عميق لا يدرون ما غوره ، ولا يدركون كنه بعده» (٤) ، فسبحان الله عمّا يصفون ويشركون. وأنّى للإنسان أن يتصوّر خالقه؟!
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٩٥
(٢) المصدر
(٣) المصدر
(٤) المصدر عن الإمام الكاظم (ع)