بلى. نحن نقول الملك والقدوس والعزيز والحكيم ولكن دون حدّ وتشبيه ، فهو واسع الملك ، عظيم القداسة ، دائم العزة ، ونافذ الحكمة. وتتجلّى هذه الأسماء حينما يعود الإنسان إلى نفسه يتفكر فيها أو يرمي ببصره في الآفاق من حوله.
نعم. إنّ ربنا الملك الذي لا حدّ لملكه ، وإنّما يملك كلّ شيء ملكا ، يملك شهوده وغيبه ، حاضره ومستقبله ، ويهيمن عليه بجميع أبعاده ، ولا يملك شيء ولا شخص شيئا إلّا بما يملّكه. وكلّ هذا آيات ملكوته وأكثر من هذا مما لا يمكن لنا أن نتصوره.
وهو قدوس بمعنى النزاهة المطلقة من كلّ نقص وعيب وحد ، فليس شيء ولا أحد أولى منه بالتسبيح والعبادة. كما أنّه القادر بالعزة على ما يشاء ، والذي لا يذل أو يحتاج إلى غيره. وحيث نسبّحه أو يدعونا إلى تسبيحه فليس لحاجة منه إلينا ولا إلى ذلك ، لأنّه سبّوح وعزيز وملك وقدوس بذاته ، وإنّما بحكمته تفضّل علينا بأن جعل تسبيحه طريقا لنا إلى رضوانه وثوابه وهو الحكيم. وهناك علاقات متينة بين الأسماء الحسنى المذكورة في الآية الكريمة بعضها مع بعض ، فالملك الحق لا بد أن يكون نزيها وقويّا وحكيما ، لكي يكون مهيمنا على ملكه. والعزة لا تكون إلّا بالملك ، كما لا يكون الملك إلّا بها ، وهكذا توجب القداسة العزة. ولم يقل تعالى عزيزا وحسب بل ذكر الحكمة أيضا فهو ملك ذو قوة في حكمة ، لا يدبّر الحياة بالقوة وحدها إنّما يهيمن عليها بالقوة ويدبّرها بالحكمة.
وهنا ينبغي التأكيد على مسألة مهمة وهي أنّ ما تقدم من التحقيق حول أسماء الله لا يعدو كونه محاولة محدودة لتقريب معانيها ليس أكثر ، وإلّا فإنّ الإنسان لا يستطيع أن يفي بالمعنى حينما يتحدث عنها.
[٢] والأسماء الأربعة الحسنى لله تجلّت عند ما انبعث إلى الناس رسولا من أنفسهم فجاء ليهديهم من الضلال ويعيدهم إلى مسيرة الكائنات بعد الابتعاد