إلى موافقتهم ، الثالث : لينتفي عنه سوء الظن في تعليمه ما دعا إليه من الكتب التي قرأها والحكم التي تلاها (١).
بيد أنّ الجواب الأفضل هو ما ذكر في حديث شريف مأثور عن الامام الباقر (عليه السلام) كما سيأتي.
وهناك شبهة حاول البعض أن يدسّها عند قول الله عن الرسول (صلّى الله عليه وآله) : «منهم» إذ نسبوا إلى النبي الأكرم الأمية والجهل ، وأئمة الهدى من جهتهم سعوا لدفعها بصورة منطقية ، فقد قيل للإمام الباقر (ع) : إنّ الناس يزعمون أنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) لم يكتب ولا يقرأ ، فقال : «كذبوا لعنهم الله. أنّى يكون ذلك وقد قال عزّ وجلّ : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ) .. (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) فيكون يعلّمهم الكتاب والحكمة وليس يحسن أن بقرأ أو يكتب؟» ، فسئل : فلم سمّي النبي الأمي؟ قال : «نسب إلى مكة ، وذلك قوله عزّ وجل : (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) فأم القرى مكة ، فقيل أمي لذلك» (٢) وقد جاء في حديث مأثور عن الإمام الصادق (عليه السلام) : أنّ تسمية العرب بالأميين كان بسبب حرمانهم عن كتاب إلهي ، وعلى هذا فإنّ نسبة الرسول إلى ذلك كان بسبب انتمائه إلى ذلك القوم جغرافيّا ونسبيّا ، وليس لأنّه شخصيّا لم ينزل عليه الكتاب ، فقد نزل عليه أحسن الكتب فكيف يكون أميا بهذا المفهوم؟! والسؤال هنا : ما هو منهج الرسول في الإصلاح والسير بالإنسان نحو الحضارة والهدى؟
[١] هداية الناس إلى الله عزّ وجل ، ببثّ آياته بينهم وبيانها لهم آية تلو آية ، والذي من شأنه تفجير الطاقات الخيرة الكامنة داخل النفس البشرية ، ومن أهمها
__________________
(١) القرطبي / ج ١٨ ص ٩٢
(٢) نور الثقلين / ج ٥ ص ٣٢٢