وبتوجيهات المصلح ، أصبحت لديه القابلية العقلية والنفسية لتلقّي تعاليم الرسالة والتفاعل معها ، ولعلّه لذلك تقدّمت تلاوة الآيات والتزكية على التعليم.
(وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ)
والكتاب هو القرآن الذي كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أوّل مفسر ومؤوّل لمعانيه ، وما أحوجنا وبالذات مجاميعنا العلمية أن نتعلّم ونعلّم كتاب الله الذي هو حبلة وبابه إلى الهدى والفلاح. إنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) طهّر النفوس والعقول من الأغلال والعقد ، ثم راح يعلّم الأمة معاني الكتاب بعد تلاوته عليهم ، ويستخرج لهم منها مناهج الحياة ، في السياسة والإقتصاد والاجتماع والعسكرية ، حتى أصبح القرآن بديلا حضاريّا شاملا عن المناهج الجاهلية الضالة بقضّها وقضيضها. واليوم حيث نريده العودة إلى الإسلام باعتباره الحل الأمثل للمشاكل المعوزة التي لا تستطيع البشرية الفرار منها لا بد أن نعود من الباب الذي ولجه المعلّم الأوّل للرسالة نبيّنا الكريم (صلّى الله عليه وآله) ، فنشرع بآيات الله نتلوها على الناس ، ونذكّرهم بربّهم حتى ينصهروا جميعا في بوتقة الوحدة الربّانية ، ثم نعلّمهم كتاب ربهم حتى يتشبعوا بقيمه المتسامية ، ويتسلّحوا برؤاه وبصائره ، وينبعثوا من آياته في كافة تصرفاتهم ومواقفهم.
ليكن القرآن أهم مادة دراسية في مجاميعنا العلمية ومدارسنا وجامعاتنا ومراكز دراستنا حتى ننظر من خلاله إلى كلّ شيء ونصبغ بصبغته كلّ عمل وموقف.
وحيث يريد الرسول لمن حوله أن يقودوا الحياة عمليّا بالقرآن علّمهم الحكمة أيضا ، ليحسنوا فهمه وتطبيقه على الواقع حسب اختلاف الظروف وتقدم الحياة وتطورها ، فبالحكمة تستنبط الحلول لمشاكل الحياة ومفرداتها. ولو كان الرسول