يمكّن الإنسان من معرفة متغيرات الشرائع وهو الفقه.
بلى. لا يمكن فقه الإسلام بعمق من دون فقه الزمن ، لأنّ حكم الله يختلف من حادثة لأخرى وواقعة وثانية وإنّما أصبح الفقهاء مرجعا لأحكام الدين لأنّهم يعرفون الدين ، ويعرفون شروط الزمن ومتغيرات الحوادث ، فيستنبطون أحكامها منه ، ولذلك جاء في الحديث الشريف : «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا».
وهكذا كانت الحكمة هي العقل المزكّى بالدين ، وهي لا تتأتّى عادة إلّا بعد الإلمام بسائر أحكام الشريعة وقيم الوحي.
ولأنّ القرآن آخر رسالة بعثها الربّ إلى عباده ، وهي التي تستمر حتى قيام الساعة برغم تطور الظروف ، فإنّ البشرية احتاجت إلى الحكمة المرتكزة في أئمة الدّين لملاحقة المتغيرات.
وهكذا دعا إبراهيم (عليه السلام) ربّه أن يبعث في العرب من يعلّمهم الحكمة والكتاب ، فقال هو وابنه إسماعيل : «رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» ..
واستجاب الله لإبراهيم وبعث النبي محمدا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى أولئك الأميين فجعلهم الله به في مستوى رفيع ، حتى قال في بعضهم الرسول (صلّى الله عليه وآله) : «علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الفقه أنبياء» (١)
(وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
__________________
(١) المصدر / ص ٢٨٨