أولياء الله يتمنون الموت (١) ، وفي الخبر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : «جاء رجل إلى أبي ذر فقال : يا أبا ذر ما لنا نكره الموت؟ فقال : لأنّكم عمّرتم الدنيا وخرّبتم الآخرة ، فتكرهون أن تنتقلوا من عمران إلى خراب» (٢) ، أمّا الأولياء الذين عمروا آخرتهم فهم يحبون الانتقال إليها ، وليس اليهود كذلك.
(وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ)
وكيف يتمنّون الموت وهو الجسر الموصل إلى لقاء الله والجزاء من عنده وقد قدّموا الخطايا والذنوب؟ إنّ أعمالهم وأفكارهم تؤكّد فيهم حبّ الدنيا وحبّ البقاء ، ومن جانب آخر تكرّه لهم لقاء الله والآخرة وإذا استطاعوا أن يخدعوا الناس بأنّهم أولياء لله ويخفوا حقيقتهم عنهم فإنّهم لن يخدعوا الله أبدا.
(وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)
وإذا كانت هذه الصفة تصدق في سائر اليهود المنحرفين عن التوراة فإنّها أصدق في أحبارهم الذين كانوا متشبثين بحياة. أيّة حياة ، في مقابل أيّ ثمن؟! حياة الذل والتبعية والمهانة ، وبثمن فقدان دينهم وعزّتهم ، وربما راحتهم. وأعوذ بالله عند ما يصبح العالم جبانا ، فإنّه لا يجعل نفسه فقط تابعا ذليلا للجبّارين ، بل وأيضا يجعل من أتباعه مجموعة ذليلة وخاضعة لكلّ حاكم ظالم ، ويرسم خطّا انهزاميّا تبريريّا في واقع المجتمع بما يبثّه من أفكار سلبية وبما يحرّفه من نصوص دينية.
وهذه السنة جرت في علماء اليهود والنصارى وفي بعض علماء المسلمين الذين
__________________
(١) تفسير القمي / ج ٢ عند الآية
(٢) نور الثقلين / ج ٥ ص ٣٢٤