فكلّ مؤمن إذن مكلّف بالامتثال لهذا الأمر الإلهي ما لم يمنعه مانع مشروع عند الله ، وحيث يدعو الله للصلاة جمعة كلّ أسبوع فإنّ هذه الفريضة تبقى مقياسا لوحدة الأمة ومصداقية إيمانها بنسبة التفاعل مع هذا التكليف الربّاني الحكيم.
وإذا ينادي الوحي المؤمنين بالسعي للفضيلة وذكر الله ـ سعيا بالروح قبل الجسد ـ فلا بد لنا أن نتحرّر من شتى الأصر والقيود التي تثقلنا وتشدّنا إلى الأرض أوّلا ، أنّى كانت مادية أو معنوية ، وهذه الفكرة تفسير لنا العلاقة بين الدعوة للسعي إلى ذكر الله وبين الأمر بترك سائر شؤون الدنيا كالبيع وقت صلاة الجمعة.
وقد أفتى كثير من فقهاء المسلمين بحرمة البيع حينها ، بل قال بعضهم ببطلان العقد أساسا إذا صارت الجمعة واجبة لازمة بتوافر شروطها ، قال المحقّق في الشرائع : إن باع (عند النداء) أثم وكان البيع صحيحا على الأظهر. ثم قال العلّامة الشيخ حسن النجفي عن هذا الحكم : الأشهر بل هو المشهور نقلا وتحصيلا (١).
ولعلّ الإنسان يتحسس للوهلة الأولى الذي يقع فيها فكره على هذا الحكم الإلهي أنّه يخالف مصالحه ، ولكنّه إذا ما درسه من أبعاده المختلفة ، وارتقى درجة في الوعي بحقائق الحياة ، وجده منطويا على خير الدنيا والآخرة بالنسبة له ، كما وصف القرآن :
(ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
ومن ذلك الخير وحدة المجتمع المسلم ، وما يتلقّاه من الوعي والهدى في شؤون الدين والدنيا حيث خطبتي الصلاة ، وكذلك التوفيقات الإلهية التي يختص بها
__________________
(١) الجواهر / ج ١١ ص ٣٠٦