سبب النفاق ، وأنّ من تجاوز حدود الله يقع في تيه النفاق والضلال.
[٧] ومن أظهر مصاديق صدّ المنافقين واستكبارهم وفسقهم هو حربهم الاقتصادية التي يشنّونها على الرسالة والرسول ، حيث لا يكتفون بعدم إنفاقهم إنّما يوجّهون الآخرين إلى عدم الإنفاق ، بهدف إضعاف المسيرة الرسالية من خلال تفرّق الناس عن القيادة ، وتعطيل مشاريعها نتيجة فقدان العامل الاقتصادي الذي هو جزء من القوانين الاجتماعية.
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا)
وهذه سياسة أعداء الإسلام عبر التاريخ ، ولكنّها لا يتحقّق لهم ما يريدون لأسباب واقعية ، وأهمّها :
أوّلا : أنّ الذين حول القيادة الرسالية من المؤمنين الصادقين لم يكن الدافع لهم نحو الانتماء إلى خطّها والطاعة لها هو الإقتصاد ، كما يتصوّر المنافقون المنهزمون أمام المادة ، إنّما تبصّروا طريق الحق ، وانّهم لعلى استعداد للبقاء معها حتى الشهادة بالسيف أو الموت جوعا ، فهذا أحدهم (عبد الله بن حذاقة) وقد أسرته الروم وعرضت عليه التنصّر فأبى فأغلي الزيت في إناء كبير ، وأتي برجل من أسرى المسلمين فعرض عليه التنصّر فأبى فألقي في الزيت المغلي ، فإذا عظامه تلوح ، ثم عرض على عبد الله هذا النصرانية فأبى ، فأمر به أن يلقى في الزيت المغلي فبكى ، فقالوا : جزع ، قد بكى! قال كبيرهم : ردّوه ، فقال : لا ترى أنّي بكيت جزعا ممّا تريد أن تصنع بي ولكنّي بكيت حيث ليس لي إلّا نفس واحدة يفعل بي هذا في الله ، كنت أحبّ أن يكون لي من الأنفس عدد كلّ شعرة فيّ ثم تسلّط عليّ فتفعل بي هذا (١).
__________________
(١) سفينة البحار / ج ٢ ص ١٢٨