لا يعلمون إلّا ظاهر الحياة المادية ، أمّا عمقها فهم بعيدون عن فهمه ، لأنّه يحتاج إلى البصيرة النافذة.
(وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ)
ولذا تجدهم يزعمون أنّ المؤمنين سوف تتوقّف حركتهم أو يموتون جوعا إذا لم ينفقوا عليهم من أموالهم ، بينما تراهم قد حصلوا عليها عبر قوانين موضوعية يمكن للمؤمنين أن يتبعوها فيحصلون على المال أيضا.
[٨] كما أنّهم يزعمون بأنّ عزّة المؤمنين في المجتمع مستمدّة منهم ، وبالتالي فهي رهن إرادتهم ، بينما الحقيقة أنّ عزة المؤمنين هي من عزّة الله وبالقيم الحضارية الجديدة التي يؤمنون بها ويلتزمون بحدودها.
(يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ)
وتأكيدهم على رجوع المدينة حيث يجدون القدرة هناك لأسباب ثلاثة :
١ ـ لأنّهم اعتمدوا على القيم الوطنية وحيث أنّ الرسول والمهاجرين من مكّة فهم ليسوا (حسب زعم هؤلاء المنافقين) وطنيين ، فتراهم يقومون بإثارة الحس الوطني لدى أهل المدينة واعتماده مقياسا في العزّة والذلّة ، وبالتالي إخراج الرسول وأصحابه باعتبارهم أجانب.
٢ ـ لأنّهم حينذاك كانوا خارج المدينة وفي غزوة بني المصطلق ، بالذّات وأنّ الجيش يمثّله خلّص أصحاب الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ المنضبطون في تنفيذ أوامره ، وبالتالي فأيّ محاولة هناك لمواجهة القيادة ستؤدي إلى الفشل حيث لن يجدوا لهم أنصارا ، أمّا في المدينة حيث المجتمع العام فإنّهم يمكنهم تضليل البعض