وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (١) وادّعاء المنافقين أنّهم من المؤمنين ومعهم مجرّد محاولة لإلصاق أنفسهم بهم والتخلّص من العذاب ، وإلّا فهم لم يؤمنوا بالله ولا برسوله ولم يستجيبوا لدعوته المتمثّلة في الآيات البيّنات المنزلة على رسوله (ص) فبقوا في الظلمات.
المرحلة الرابعة : الاغترار بالأماني ، ذلك أنّ الحق واضح مبين تتلاحق أمام الإنسان آياته ، وله ثقل عظيم على الواقع ومنافع لا تحصى ، وينسجم مع فطرة الإنسان وسنن الله في الخليقة ، والانحراف عن مثل ذلك يتطلّب جهدا ، ولا يكون إلّا بوسائل ، ومن وسائله الغرور بالأماني التي تتلاحق في وعي المنحرفين كشلّال أسود لا يكاد المبتلى به يقدر على مراجعة قراراته والتدبر في عواقب أموره.
إن الشك والتردّد إمّا يحسمه الإنسان باتجاه الحق من خلال التوبة والعمل ، وإلّا فإنّه سيبقى على الباطل حتى يوافيه الأجل ، وتضيع منه فرصة التغيير ، بسبب الأماني التي ينفخ فيها الشيطان ، كالتشبث بالقشور وبعض الأعمال الجانبية التي يسعى البشر لتبرير أخطائه الفادحة بها ، ومن الأماني أيضا النظرة الخاطئة لغفران الله ، والاعتماد على شفاعة الأولياء ، ولذلك حذّر أئمة الهدى شيعتهم من المنى ، قال الإمام علي (ع) : «وسابقوا إلى مغفرة من ربّكم من قبل أن يضرب بالسور ، باطنه الرحمة وظاهره العذاب ، فتنادون فلا يسمع نداؤكم ، وتضجّون فلا يحفل بضجيجكم» (٢) ، وقال الإمام الصادق (ع) : «تجنّبوا المنى فإنّها تذهب بهجة ما خوّلتم ، وتستصغرون بها مواهب الله جلّ وعزّ عندكم ، وتعقبكم الحسرات فيما وهمتم به أنفسكم» (٣) ، وإنّما ينال ما عند الله بالعمل والسعي ، قال تعالى :
__________________
(١) الحجرات / ١٥
(٢) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٤١
(٣) المصدر / ص ٢٤٢