(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (١) ، والتمنّي يوقف مسيرة الإنسان باتجاه التغيير والعمل ، لأنّه يستبدل السعي بالأحلام والوهم ، وربّنا يستنكر على المنافقين والكافرين تمنّياتهم إذ يقول : «إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى * أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى» (٢)؟!!
(وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُ)
أي خدعتكم ، والأماني هي الأحلام والظنون التي يصنعها الإنسان بخياله المنبعث من شهواته ، والذي يدخل في هذا النفق قد لا يتخلّص منه ، بل يبقى في غروره حتى الموت ، وهذا ما صار إليه المنافقون.
(حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ)
أي نصرة المؤمنين ، أو أجله الذي لا تأخير فيه ، وحينها لا تنفع التوبة ، فإذا جاءت المنيّة بطلت الأمنيّة ، وقبل أن يختم ربّنا الآية يشير إلى دور الشيطان في خدع الإنسان الذي يتمثّل في تزيين المعاصي ، وتأكيد الأمنيات في النفس ، وليس له سلطان على أحد ، وفي الدعاء بعد أن يشكو الإمام عدوّه الأوّل إلى الله وهو النفس يقول : «إلهي أشكو إليك عدوّا يضلّني ، وشيطانا يغويني ، قد ملأ بالوسواس صدري ، وأحاطت هواجسه بقلبي ، (يعاضد لي الهوى) : ويزيّن لي حبّ الدنيا ، ويحول بيني وبين الطاعة والزّلفى» (٣). إنّ دوره الأساسي هو المعاضدة والإعانة على الانحراف ، وتأكيد النصوص الإسلامية على هذه الحقيقة (وذكره في هذه الآية في صيغة الإستدراك) كلّ ذلك يأتي لكي لا يعتبر البشر وساوس الشيطان تبريرا
__________________
(١) النجم / ٣٩
(٢) النجم / ٢٣ ـ ٢٤
(٣) الصحيفة السجادية / مناجاة الشاكين