للانحراف والضلالة ، وأنّه مجبور عليها.
(وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ)
يعني الشيطان إنسيا كان أو جنّيا. و «الغرور» صيغة مبالغة ، تدلّ على أن ذلك عمله وديدنه ، ولا ريب أنّ الاعلام المضلّل الذي ينشر ثقافة الفساد كتابة وصورا وصوتا ، وكذلك الأنظمة الفاسدة التي تركز حبّ الدنيا واتباع الهوى في المجتمع ، هما من أبرز مصاديق هذه الآية الكريمة ، كما أصدقاء السوء من مصاديقها.
[١٥] وكم تكون حسرة الإنسان إذا صار في الدنيا غرضا للفتن ، وفريسة للأماني وهمزات الشيطان ، وعاش بينهما متربّصا مرتابا حتى يجيء أجله ، وتضيع الفرصة قبل أن يخلّص نفسه من النار ، ليصير إلى بئس المصير! إنّه يبخل بالمال في الدنيا ، ولكنّه يتمنّى لو أنّ له ملء الأرض ذهبا وفضة يفتدي به نفسه يوم القيامة ، «وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ* وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» (١) نعم. هناك تتبدّد ظنونهم وأمانيّهم التي لا تغني من الحق شيئا. وهب أنّهم كان لهم ما في الأرض ومثلهم وأرادوا فدو أنفسهم فإنّه لا يقبل منهم ، ويأتيهم النداء بأنّ الدنيا هي دار العمل ولم تعملوا.
(فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ)
في مقابل الجنة التي يفوز بها المؤمنون والمؤمنات. ومفارقة أخرى أنّ ولي المؤمنين هو الله والأنبياء والأولياء والصالحين الذين يتقدّمون بهم إلى الجنة نورا يسعى بين
__________________
(١) الزمر / ٤٧ ـ ٤٨