ذلك في مواضع منه ، مثل قوله تعالى في نهاية السورة «فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ» (١) وهناك المتزمتون الذين صعّبوا الدين وتصوّفوا ، ومن بينهم من قست قلوبهم ، الذين يشكلون الأكثرية الساحقة فيهم!
(وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ)
إلى هنا يكون القرآن قد حذر المؤمنين من مرض القسوة الذي قد يتورطون فيه ، كما بيّن لهم عواقبه السيئة من خلال الإشارة الى سيرة أهل الكتاب ، أما الآن فالسياق بآياته يشرع بمعالجة المشكلة الى جنب بيان أسبابها.
المؤمنون الذين خاطبتهم الآية السابقة لم ينحرفوا انحرافا كليا كأكثر أهل الكتاب ، وانما سلبوا الخشوع ، فقست قلوبهم قليلا ، ودبّ فيهم اليأس من إصلاح أنفسهم فأخذ القرآن يعطيهم الثقة بربهم.
(اعْلَمُوا)
ربما ابتدأ بالعلم لأن الخشية ميراث العلم ، أو لم يقل تعالى : «إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ» (٢)؟
والسؤال : ما هي تلك الحقيقة الكفيلة بزرع الأمل في نفوس المؤمنين وإنقاذهم من اليأس؟
(أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها)
أرأيت كيف تنبسط على الصعيد حلة خضراء بعد ان كانت الأرض هامدة
__________________
(١) الحديد / ٢٧
(٢) فاطر / ٢٨