سوى الخيال والظنون التي لا تغني من الحق شيئا ، ولعل قوله تعالى (اعْلَمُوا) يقال قوله (أَمْ حَسِبْتُمْ) ، فهو دعوة لنبذ التمنيات والظنون ، والتمسك بالمعرفة والعلم ، وإذا كنا نريد التأكيد من هذه الحقيقة فنعرف كيف يحيي الله الأرض بعد موتها ، فما علينا الا الرجوع بنظرة موضوعية شاملة الى آياته ورسالته. من هنا يؤكد الحق تعالى بقوله :
(قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ)
إن العود الى الآيات الشاهدة على تلك الحقيقة ، سواء المتجلية في التاريخ ، أو في القرآن كفيل بان يعيد للمؤمنين الثقة بأنفسهم ، ويصيرها علما ثابتا تستوعبه عقولهم ، مع كونها عظيمة وكبيرة يصعب على غير المؤمنين التسليم لها.
(لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
حيث من أهم اهداف القرآن هو تبصير الإنسان واستثارة عقله. وتوجيه الله لنا إلى آياته فور تأكيده على انه يحيي الأرض بعد موتها ، يهدينا الى ان الآيات هي المنهج السليم الذي ينبغي للإنسان الانطلاق منه في الإصلاح ، سواء إصلاح القلب الذي يموت بالقسوة ، أو إصلاح الأرض والمجتمع اللذان يفسدان بالجور والظلم ، كما يهدينا الى ان عدم خشوع قلوب المؤمنين وتعرضهم شيئا فشيئا للقسوة ناجم عن ابتعادهم عن القرآن ، كما قست قلوب أهل الكتاب ، وفسقوا بنبذ الكتاب وراء ظهورهم ولا سبيل لهم لعلاج هذه المشكلة المستفحلة إلّا بالعودة الى آياته ، التي تخرج من الظلمات الى النور ، وقبل ان نمضي الى تفسير الاية اللاحقة هناك ثلاث ملاحظات حول الآيتين :
الاولى : ان اليأس من التغيير قد ينطلق من زاوية محدودة في تفكير الإنسان