علي (ع) لأصحابه بصفين : «فالموت في حياتكم مقهورين ، والحياة في موتكم قاهرين» (١).
وحينما يسأل الامام الصادق (ع) عن معنى الحياة بعد الموت في الآية يقول : العدل بعد الجور (٢).
الثالثة : والى جانب هذا التفسير السياسي الجاد للآيتين نجد هناك تطبيقات اخرى يتسع لها المعنى ، من بينها ان القلوب تموت بالضلال والانحراف ، ولكن ليس من الصحيح ان ييأس الإنسان من التغيير وقبول ربّه التوبة ، فهو واسع المغفرة ، إذن فلا يقنط من رحمته ، فقلبه يمكن ان تعود اليه الحياة مرة أخرى ، لو تراجع عن خطئه ، وبدأ مسيرة الثورة على الذات بالتوبة والعمل بما يوافق رسالة الله وآياته ، وقد تناقل المفسرون ان الفضل بن يسار أحد مصاديقهما ، حيث كان ضالا يقطع الطريق وقد تواعد مع جارية ، فلمّا أتاها من جهة الجدار متسلقا سمع تاليا يتلوهما فنزل من على الجدار وهو يقول بلى قد آن ، بلى قد آن .. فتاب من ذنوبه وتحول من قاطع طريق الى مؤمن زاهد.
وكلمة أخيرة :
لننظر الى الأرض القاحلة التي لا زرع ولا ضرع فيها ، كيف يجعلها الله واحة خضراء بالغيث؟! لعلنا نعرف المسافة الشاسعة بين الحياة والموت ، التي تشبه المسافة بين العدم والوجود ، فنزداد بهذه المعرفة ثقة بربنا العظيم وتوكلا عليه لان هذه الظاهرة تتجلى فيها قدرته وسائر أسمائه الحسنى ، ورحمته المطلقة الكفيلة بنصرنا وإيصالنا الى اهدافنا ، فلا داعي اذن لليأس والقنوط ، ولنتفكر في عظمة القرآن
__________________
(١) نهج / ج ٥١ ص ٨٨
(٢) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٤٣