الذي تغير اية واحدة منه حياة إنسان أمتهن الجريمة ، الى حياة حافلة بالتقوى والكرامة! انه حقا أهل ان يأخذ بأيدينا الى العلاج والسعادة والنصر ، لو رجعنا اليه ، وتفكرنا في آياته ، وعملنا بمضامينها. سوف يحيل ذلنا عزة ، وهزيمتنا نصرا ، وقسوتنا خشوعا ، وتخلفنا تقدما وحضارة ، وبكلمة سوف يحول موتنا حياة.
[١٨] ويعود القرآن بعد ان حذر المؤمنين من عاقبة النفاق يوم القيامة ، ومن مصير أهل الكتاب في الدنيا ليؤكد اهمية الإنفاق ومعطياته ليتصل بما تقدم في الآيات (٧ ، ١٠ ، ١١) وليكون طريقا لتطهير القلب وخشوعه كما قال ربنا : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) (١) ولنتخذه مقياسا للايمان ، فمتى ما تصدق المؤمنون وأنفقوا دلّ ذلك على صدقهم ، ثم فاعليتهم بعد الجمود بسبب الانصراف إلى الدنيا ، والذي ينتهي إلى قسوة القلب.
وبما أن الآيتين السابقتين جاءتا لتنتشلا بعض المؤمنين من هذا الدرك الذي يتوسط المؤمنين الصادقين ، ودرك المنافقين ، قبل أن يتسافلوا إلى الفسوق ، حيث درك المنافقين الذين بخلوا بأموالهم ، ولم ينفقوا في سبيل الله ، قال تعالى : (وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٢) ، حيث كان أحدهم يعاهد الله (لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ* فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ* فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ) (٣) ، فكان من الطبيعي إذا أن يلحق الله بتلكما الآيتين دعوة إلى الإنفاق في سبيله :
__________________
(١) التوبة / ١٠٣
(٢) التوبة / ٦٧
(٣) المصدر / ٧٥ ـ ٧٧