(إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ)
والصدقة هي ما يصدّق به الإنسان ربّه ، فلأنّه الذي أمر ووعد بالثواب ينبعث إلى الإنفاق ، وسمّيت الصدقة صدقة لأنّها تثبت صدق الإيمان بالعمل وتثبّته ، ولا تنحصر في إنفاق المال المستحب والفرض ، إنّما تشمل كل الأعمال الصالحة ، وإن كان ظاهر السياق كما الكلمة يدلّان على بذل المال ، وفي الحديث : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : «كل معروف صدقة إلى غني أو فقير» (١) وقال : إماطتك الأذى عن الطريق صدقة ، ونهيك عن المنكر صدقة ، وردّك السلام صدقة (٢) ومن ذلك العام يخصّ الله القرض بالذكر ، وإذا كان للقرض الاجتماعي الذي يستهدف رفع حاجات الناس ميزة على سائر الإنفاق ، فإنّ الإنفاق في الجهاد أرفع درجة وأسمى ، حيث يبدو أن التفريق بين الإنفاق قبل الفتح وبعده في القرآن إشارة إلى هذا النوع من الإنفاق ، حيث أنّه قبل الفتح يستهدف إقامة حكم الله ، بينما يستهدف الإنفاق بعده بناء المجتمع.
(وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً)
قال بعضهم : أي وأقرضوا الله تعالى قرضا حسنا بالصدقة والنفقة في سبيل الله جلّ جلاله ، (و) عن الحسن : «أي كل ما في القرآن من القرض الحسن فهو التطوع» ، (و) قيل أي هو العمل الصالح من الصدقة وغيرها محتسبا صادقا ، (و) قيل أي أنفقوا في سبيل الله تعالى لإعلاء كلمة الحق ، وتحطيم أركان الباطل (ثم أضاف) أقول : والأخير هو الأظهر ، وعليه أكثر المفسرين (٣) وبضميمة الروايات المتقدمة في معنى القرض الوارد في الآية (١١) التي جاءت بعد الكلام عن الإنفاق
__________________
(١) بح / ج ٩٦ ص ١٢٢
(٢) بح / ج ٧٥ ص ٥٠
(٣) تفسير البصائر / ج ٤٤ ص ٩٧