ورسلا وأئمة ومن يمثل خطهم في الحياة قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (١) لأنّهم حجة الله ، وبابه الذي يؤتى منه ، والانتماء إليهم والتسليم لقيادتهم جزء لا يتجزأ من الإيمان الحق ، الذي يرفع الإنسان إلى درجة الصديقين والشهداء ، وهل يصدّق الإيمان إلّا تولي الأولياء والتجرد عن كل قيادة سواهم؟! وهل تتم شهادة الأمة الوسط إلّا بشهادة الرسول عليها؟! ... لذلك عطف الله على الإيمان به الإيمان برسله قائلا :
(وَرُسُلِهِ)
كلّهم لأن مسيرتهم واحدة متكاملة ، وما جاؤوا به من القيم وبيّنوه من العظات وجسّدوه من السّير الصالحة ذخر للحضارة ينبغي للبشرية وبالذات المؤمنين أن ينتفعوا به ، وإن كانت الطاعة العملية تبقى للرسول فيما تناسخ من الشرائع وإنّما تتابعت الرسالات لتكميل المسيرة.
ولعلّ الحكمة في التأكيد على الإيمان بالرسل جميعا أنّه حيث انتقد آنفا أهل الكتاب وبيّن انحرافهم كان من الممكن أن تنصرف بعض الأذهان إلى أن الطعن متوجه إلى الرسالات ، فأزال السياق هذه الشبهة بالتأكيد على ضرورة الإيمان بها جميعا. وإذا ارتفع بشر إلى مستوى الإيمان المتقدم بيانه صار صديقا أو شهيدا وشملته اشارة القرآن :
(أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ)
ونقرأ في آية أخرى (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٢) وأي تجمع
__________________
(١) النساء / ٥٩
(٢) النساء / ٦٩