بأنها ليست سوى ميدانا للعب ، وللهو ، والزينة ، والتفاخر ، والتكاثر ، وبالرغم من ان هذه الحقيقة ليست غائبة عن أذهان المؤمنين عموما إلا انها لم تتحول من الفكرة الى وعي يهيمن على النفس ، وبتعبير آخر لم تتحول العبرة الى موعظة عملية ، وآنئذ ما الفرق بين الذي يجهل وجود لغم في طريقه فينفجر فيه ، وبين الآخر الذي يحتمل ذلك أو يدري به لكنه لا يحتاط؟! كلاهما ينتثران أشلاء في الهواء ، لان العلم بلا اقدام يساوي الجهل ، قال تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (١) ، فلا شك اذن ان المؤمن الذي يلعب ويلهو في الدنيا ، ويتخذها زينة وتفاخرا وتكاثرا في المال والأولاد ، ويبخل بالإنفاق في سبيل الله حرصا وتشبثا بها ، كمثل الذي يكفر بالآخرة وما فيها من الثواب والعقاب ، وإلا لجعل الآخرة هدفه ، وبذل ما يستطيع من أجلها رغبة في رضوان ربه وثوابه ، وخوفا من غضبه وعقابه ، بل أصبح يتسابق ـ إذا ـ نحو الخيرات ، لأنها الزاد والثمن فيها ، وربما لذلك أمرنا القرآن بالعلم قائلا :
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا)
هنا ثلاثة تأكيدات : أحدهما الدعوة المؤكدة الى العلم ، والثاني أداة التوكيد إنّ ، والثالث الحصر (إنّما) ، وحيث تتوالى هذه التأكيدات على حقيقة ما فهي مهمة ومهم ان يعلمها الإنسان ، فما هي تلك الحقيقة؟
أنّ الحياة الدنيا لمن أرادها
(لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ)
واللعب هو العمل الباطل وبلا هدف معقول ، قال تعالى يحدث عن
__________________
(١) لقمان ٢٥