يواصل سفره الى الاخرة ، ولكنه حيث جاءها رأى الناس يلعبون ، ورأى أدوات اللعب فشاركهم ، فبالغ في لعبه ، فنسي انه على سفر ، وغفل عن مهمته.
وكل شيء يدعونا الى الغفلة ، وينسينا أهدافنا فهو لهو ، قال الامام علي (ع) : «فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات ، كالبهيمة المربوطة همها علفها ، أو المرسلة شغلها تقممها ، تكترش من أعلافها ، وتلهو عما يراد بها» (١). واستخدام القرآن لكلمة اللهو يأتي بهذا المعنى ، قال تعالى : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) (٢). وقال : (لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٣) ، وقال : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) (٤) ، وقال : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٥) ، وأكثر ما يتورط أحد في اللهو بسبب نسيان الموت والاخرة ، ولذلك يأتي في نهاية الآية تذكير بها عند قوله : «وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ» ، وانطلاقا من هذا التعريف فان الغناء ، والرقص ، ومجالس البطالين ، وجمع المال ، وما أشبه مصاديق للهو.
وإذا لهي الإنسان نسي السفر ، ونسي الاستعداد اليه ، فاذا بك تراه يغرق في حب الدنيا ، وينصرف الى اهداف جانبية فيها (تسمى بالزينة) ، طبيعتها الفساد والزوال حتى بمقاييس الدنيا الزائلة. أرأيت الذين يصرفون الألوف من أموالهم على أمور كمالية أو ديكورية؟
__________________
(١) نهج كتاب / ٤٥ ص ٤١٨
(٢) التكاثر / ١ ـ ٢
(٣) المنافقون / ٩
(٤) النور / ٣٧
(٥) لقمان / ٦