وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (١).
أما الذي يعتقد بالدنيا وحدها فسعيه سوف يكون من أجل إشباع الشهوات ، وجمع الزينة ، وستزيده زينتها انغماسا فيها وبعدا عن الحق. ومن مظاهر الاهتمام الزائد بالزينة التوجه الى القشور ، على حساب اللباب. بينما المؤمن بالآخرة يحس بالمسؤولية فلا يسترسل في اتباع شهواته ، ولا يندفع في الزينة التي تخالف مصالحه الحقيقية.
(وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ)
والتفاخر هو الآخر مما يتلهى به الإنسان ويستعيض به عن اهدافه الحقيقية ، وإذا كان اللعب واللهو والزينة تحكي الجانب الفردي من الاغترار بالدنيا ، فان التفاخر هو الجانب الاجتماعي لذات الحالة ، ويأتي التفاخر نتيجة مباشرة للافتتان بالزينة إذ يرى الشخص نفسه كاملا وأفضل من غيره من خلالها ، فيركبه الخيلاء والفخر.
ثم تتحول هذه الحالة النفسية الاجتماعية الى فعل خارجي يمارسه المختال الفخور ليثبت عظمته على غيره من خلال التكاثر والتسابق المادي ، قال تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً) (... وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ (وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً* وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) (٢). انظر هكذا يتحول حب الدنيا وزينتها الى حالة نفسية داخلية (الغرور والظلم) فاجتماعية (التباهي والتفاخر).
__________________
(١) الكهف / ٢٨
(٢) الكهف / ٣٢ ـ ٣٥