(ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً)
إذا أكمل دورته الحياتية ، إذ تيبس وتتكسر أوراقه وأعواده ، وهذه بالضبط مسيرة الحياة عند الإنسان في الدنيا ، يبدأ طفلا كالنبات ، ثم ينشط ويهيج عند المراهقة والشباب ، ولكنك تراه يتنكس في الخلق شيئا فشيئا ، ويفقد قوته وزينته ليصير كهلا فشيخا عجوزا قد وهن عظمه وخارت قواه ، ولا يطول به الأمد حتى تراه جثة هامدة محمولة على الأكتاف الى قبر ضيق يستحيل فيه هيكلا ، فأوصالا ، فحطاما ، فترابا تذروه الرياح ، فلما ذا يتشبث الإنسان بالحطام والمتاع الزائل اذن وهو مقبل على الاخرة؟
ثانيا : ما هي أهدافه في الدنيا وكيف يصل بها؟
وحينما يطمئن الإنسان الى حقيقة الدنيا فسيعلم ان حطامها ليس بالذي يشبع طموحاته ويحقق تطلعاته ، إنّه يريد السعادة ولا تتم له فيها ، ويريد الخلود وهيهات ذلك؟ ، فلا بد ان يبحث له عن هدف سام يجده أهل للسعي له ، وهذا لا يمكن حتى يضيف الى علمه بحقيقة الدنيا علما بحقيقة الآخرة ، ومن هذا المنطلق يعطف الله على قوله (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) قوله تعالى :
(وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ)
فكل إنسان يحس بفطرته ، ان طموحاته أكبر من الدنيا وما فيها ، ولكنّه إذا غفل عن الاخرة فسيبقى مصرا على التشبث بالدنيا ، طمعا في تحقيق ما يقدر عليه منها مما كان متواضعا ، ولذلك نجد القرآن يرسي قاعدة الايمان بالآخرة في النفس ليحقق التوازن المطلوب في نفس البشر لكي لا ينساق وراء التكاثر في جمع حطامها ، ظنا منه انه يحقق تطلعاته بذلك. كلا .. أنت مخلوق لما هو أكبر منه وأبقى ، فما