ليس الفرار عليّ عارا بعد ما |
|
شهدوا ببأسي يوم مشتبك القنا |
إن كنت أول من نأى عن أرضهم |
|
قد كنت يوم الحرب أول من دنا |
أبعدت عن أرض العراق ركائبي |
|
علما بأن الحزم نعم المقتنى |
جبت البلاد ولست متخذا بها |
|
سكنا ولم أرض الثريا مسكنا |
حتّى أنخت بماردين مطيتي |
|
فهناك قال لي الزمان لي ألهنا |
في ظل ملك مذ حللت بربعه |
|
أمسى لسان الدهر عني الكنا (١) |
فالشاعر من خلال هذه الأبيات صريح بأنه ترك العراق فرارا من الأوضاع الشاذة التي تعيشها قبيلته ، بعد أن أبلى مع أعدائه البلاء الحسن ، وبعد أن أضمر له أعداؤه سوء النية لو ظفروا به. فلا بد له من أن يعيش بمنأى عن يد أعدائه ، سالما من أذاهم. ولقد قنع بأن قلعة ماردين هي حصن له ، ولأنفاسه الشاعرية يزجيها لسلاطين (الأراتقة).
وبذلك استطاع الشاعر (الحلي) أن يضع فيهم بثلاثة شهور ديوانا كاملا في تسعة وعشرين حرفا ببناء تسع وعشرين قصيدة أرتقية ، أسماها (الأرتقيات) نسبة إليهم. وهذه الأرتقيات بناها على حرف من حروف المعجم يبتدئ البيت به ، وينهي قافية القصيدة به ، ومن ذلك قوله في قصيدته ـ على قافية الجيم ـ التي أشار إليها ابن حجة في خزانته ، وهو يتحدث عن المطالع ، وينتقده عليه.
وكذلك مطلع الشيخ صفي الدين الحلي في قصيدته الجيمية التي هي من جملة القصائد الأرتقيات ، التي امتدح بها الملك المنصور صاحب ماردين :
__________________
(١) الديوان : ٢١.