البلاغة (١) وتوابعها من محاسن البديع اللذين (٢) بهما تعرف أوجه إعجاز القرآن وصحة نبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم بالدليل والبرهان : فقد قال الإمام أبو يعقوب السكاكي في كتاب (المفتاح) (٣) : «فالويل كل الويل لمن تعاطى الحديث والتفسير وهو فيهما راجل» (٤).
ولقد تصفحت كتابه المذكور ، فوجدته قد أتقن أصول البلاغة واستقصاها ، ولم يغادر فيها (صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها) (٥) ، ولم يذكر من أنواع البديع سوى تسعة وعشرين نوعا (٦). ثم قال : «ولك أن نستخرج من هذا القبيل ما شئت ، وتلقب (٧) كلا من ذلك بما أحببت (٨). وقال مخترعها الأول عبد الله بن المعتز (٩) في صدر كتابه (١٠) :
__________________
(١) انظر : مفتاح العلوم (ط : ١٤٠٢ ه / ١٩٨٢ م) بغداد : ص ٢٣٩ ونهاية الإيجاز للرازي : ٨٩ والعمدة : ١ / ٢٤١ والطراز للعلوي : ج / ص ٢.
(٢) رسمت في الأصل (الذين) وفي : ط : اللتين ، والصواب ما أثبتنا ، لأنّه يريد علمي البلاغة : البيان والبديع.
(٣) كتابه : هو مفتاح العلوم ، وقد طبع أكثر من طبعة وآخرها طبعة أكرم عثمان يوسف عام ١٤٠٢ ه / ١٩٨٢ م في مطبعة الرسالة بغداد ، وهو رسالة الدكتوراه. وأما المؤلف فهو أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي السكاكي سراج الدين. ولد سنة ٥٥٥ ه وتوفي سنة ٦٢٦ ه. وله جملة من المؤلفات مثل (شرح الجمل) و (التبيان) و (الظلم) و (رسالة في علم المناظرة) وغيرها. انظر : روضات الجنات : ٤ / ٢٣٩ وكشف الظنون : ٢ / ١١٥ والجواهر المضية : ٢ / ٢٢٦ وهدية العارفين : ٢ / ٥٥٣.
(٤) ط : لمن يتعاطى التفسير.
(٥) اقتبس المؤلف من قوله تعالى : (ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) الكهف ٤٩.
(٦) مفتاح العلوم : ٣٤١ فما بعد ، موضوع (علمي المعاني والبيان) وهو القسم الثالث. وأما الأنواع التسعة والعشرون فذكرها في ص ٦٣٢ فما بعد في (البديع). والعبارة في : ط (ولم يغادر من أنواعها سوى تسعة و..) وهو وهم.
(٧) أي تسمى.