[الأعراف : ٥٣] ، أو باسم نحو : من يدعوني فأستجيب له؟ متى تسير فأرافقك؟ كيف تكون فأصحبك؟ أين بيتك فأزورك؟ قال أبو حيان : وزعم بعض النحويين أن الاستفهام إذا كان عن المقرض لا عن القرض فلا يصح النصب بعد الفاء على الجواب ، ومنع النصب في نحو : أزيد يقرضني فأسأله؟ وقال : لا يصح هذا الجواب ، قال : وهو محجوج بقراءة (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ) [البقرة : ٢٤٥] بالنصب ، ووجه الدلالة من الآية أن الفعل وقع صلة فليس مستفهما عنه ولا هو خبر عن مستفهم عنه ، بل هو صلة للخبر ، وإذا جاز النصب بعد (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ ؛) لكونه في معنى (من يقرض) فجوازه بعد (من يقرض) و (أزيد يقرض فأسأله) أحرى وأولى.
وقيد ابن مالك الاستفهام بكونه لا يتضمن وقوع الفعل فإن تضمنه لم يجز النصب نحو : لم ضربت زيدا فيجازيك ؛ لأن الضرب قد وقع. قال أبو حيان : وهذا الشرط لم أر أحدا يشترطه ، وقال بدر الدين بن مالك : إن أباه اقتدى في هذه المسألة بما ذكره أبو علي في «الإغفال» ردا على الزجاج حيث قال في قوله تعالى : (لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَ) [آل عمران : ٧١] لو قال : (وتكتموا الحق) لجاز على معنى لم تجمعون بين ذا وذا؟ ولكن الذي في القرآن أجود في الإعراب انتهى.
قال أبو حيان : ورد أبي علي على الزجاج في هذا غير متوجه ، وإذا تقدم اسم غير اسم استفهام وأخبر عنه بغير مشتق نحو : هل أخوك زيد فأكرمه فالرفع ، ولا ينصب فإذا تقدمه ظرف أو مجرور نحو : أفي الدار زيد فتكرمه جاز النصب ؛ لأن المجرور ناب مناب الفعل ، وقد يحذف السبب بعد الاستفهام لدلالة الجواب عليه وفهم الكلام نحو : متى فأسير معكم ، أي : متى تسير جزم به ابن مالك في «التسهيل» ، ونقله أبو حيان عن الكوفيين ، ثم قال : وينبغي أن يكون في استفهام الاستثبات بأن يقول : القائل : أسير ، فتقول له : متى؟ فإنك لو اقتصرت على قولك : (متى) جاز ، بخلاف أن يكون ابتداء استفهام فإنه لا يجوز ، وإذا كان كذلك كان الفعل مدلولا عليه بسابق الكلام فكأنه ملفوظ به فيجوز بهذا المعنى.
الخامس : النفي سواء كان محضا نحو : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) [فاطر : ٣٦] ، أم مؤولا بأن دخلت عليه أداة الاستفهام التقريري نحو : ألم تأتنا فتحدثنا ، ويجوز في هذا القسم أعني المؤول الجزم والرفع أيضا كقوله :