ومقتضى كلام ابن مالك جواز ذلك مع التشبيه الواقع موقع النفي ومع المنفي بها ، ويحتاج ذلك إلى سماع من العرب.
وتميز واو الجمع من الفاء بتحتم تقدير (مع) موضعها ، ولا ينتظم مما قبلها وما بعدها شرط وجزاء ، ألا ترى أن قولك : لا تأكل السمك وتشرب اللبن لا ينتظم منه إن تأكل السمك تشرب اللبن ، ولا إن لا تأكل السمك تشرب اللبن ، بخلاف الفاء فإنها في جواب غير النفي أو في جواب النفي الذي تدخل عليه همزة الاستفهام للتقرير فينتظم منه شرط وجزاء ؛ لأن ما بعدها مسبب عما قبلها ، ألا ترى أن معنى (لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ) [طه : ٦١] : إن افتريتم أسحتكم ، وكذا ليت لي مالا فأنفق منه ، معناه إن وجدت مالا أنفق منه. قال أبو حيان : وتلخص من ذلك أن قولهم تقع الواو في جواب كذا وكذا إنما هو على جهة المجاز لا الحقيقة ؛ لأنها إذا كانت بمعنى (مع) لا تكون جوابا ولا متهيأ مما هي منه أن ينتظم منه شرط وجزاء.
وتميز فاء الجواب من الواو بتقدير شرط قبلها كما مر ، أو حال مكانها وذلك أن هذه الفاء تقع إما قبل مسبب انتفى سببه ، فيصح حينئذ أن تقدر بشرط قبل الفاء ، كما إذا قصدت الإخبار بنفي الحديث ؛ لانتفاء الإتيان ، قلت : ما تأتينا فتحدثنا ، فيصح أن يقال : ما تأتينا وإن تأتنا تحدثنا ، وأما بين أمرين أريد نفي اجتماعهما فيصح أن يقدر حال مكانها ، فإذا قصدت أن تنفي اجتماع الحديث والإتيان فقلت : ما تأتينا فتحدثنا صح أن يقال : ما تأتينا محدثا ، فالنفي الداخل على الفعل المقيد بالحال لم ينفه مطلقا ، إنما نفاه بقيد حاله فهو نفي الجمع بينهما ، وذلك هو المقصود من النصب على أحد معنييه.
العطف بالفاء والواو وأو
(ص) وإذا عطف بهما أو بأو على فعل قبل أو قصد الاستئناف بطل إضمار أن ، وفيهما خلافها ، ورابعها : النصب بنيابهما عن الشرط ، وخامسها : بانتفاء موجب الرفع والجزم.
(ش) إذا عطف بالفاء والواو أو بأو على فعل قبل ، أي : قبل الفعل الذي ولي الفاء أو الواو ، أو قصد الاستئناف ، أي : القطع عن الفعل الذي قبله فيكون إذ ذاك الفعل خبرا لمبتدأ محذوف ، بطل إضمار أن ؛ لأن العطف يشرك الثاني مع الأول في رفعه أو نصبه أو جزمه ، والاستئناف إن كان بعد الواو والفاء فهو جزم في الإخبار ، وإن كان بعد (أو) ففيها نوع من الإضراب ؛ لأنك إذا قلت الزم زيدا أو يقضيك حقك وجعلته مستأنفا فالمعنى أو