هو يقضيك حقك ، أي : يقضيكه على كل حال سواء لزمته أم لم تلزمه ، فكأنه قال : بل يقضيك حقك ، وإذا عطف ما بعد الفاء والواو على ما يصح عليه العطف من الفعل قبلها لم يكن معنى العطف كمعنى النصب فإذا قلت : ما تأتينا فتحدثنا بالرفع على معنى العطف على تأتينا فكل واحد من الفعلين مقصود نفيه ، وكأن أداة النفي منطوق بها بعد الفاء ، فإذا قلت : ما تأتينا فتحدثنا بالنصب كان انتفاء الحديث مسببا عن انتفاء الإتيان ، وفي التنزيل : (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) [المرسلات : ٣٦] ، وما ذكر من أن النصب بعد الفاء والواو بإضمار أن هو مذهب البصريين ، وفيهما المذهبان الآخران السابقان في أو وفي الفاء والواو مذهبان زائدان :
أحدهما : قاله ثعلب إنما نصبا ؛ لأنهما دلا على شرط ؛ لأن معنى هلّا تزورني فأحدثك ، إن تزرني أحدثك فلما نابت عن الشرط ضارعت (كي) فلزمت المستقبل وعملت عمله.
والثاني : قاله هشام إنه لما لم يعطف على ما قبله لم يدخله الرفع ولا الجزم ؛ لأن ما قبله من الفعل لا يخلو من أحد هذين ، ولما لم تستأنف بطل الرفع أيضا ، فلما لم يستقم رفع المستقبل معها ولا جزمه ؛ لانتفاء موجبهما لم يبق إلا النصب.
حذف الفاء
(ص) وتحذف الفاء فيجوز رفع تاليها حالا أو وصفا أو استئنافا ، وجزمه ، وهل هو بما قبلها مضمنا معنى الشرط ، أو نائبا عن جملته ، أو بأن ، أو اللام مضمرة ، أو مبني؟ أقوال ، ويجوز بعد أمر بخبر واسم ، والأصح منعه بعد نفي وبعد أمر ونهي لا يصلح إن تفعل وإلا تفعل ، وثالثها رديء ، ورابعها يجوز حملا على اللفظ لا الجواب.
(ش) تنفرد الفاء بأنها إذا حذفت جاز فيما بعدها أن يرفع إذا لم يرد بما قبله شرط مقصودا به الحال إن كان قبله ما يكون حالا منه نحو : ليت زيدا يقدم يزورنا ، أو النعت إن كان قبله ما يحتاج أن ينعت نحو : ليت لي مالا أنفق منه ، أو الاستئناف قال أبو حيان : وقوله تعالى : (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) [طه : ٧٧] يحتمل الحال ويحتمل الاستئناف ، أي : غير خائف أو إنك لا تخاف ، وأن يجزم نحو:(قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) [إبراهيم : ٣١] ، (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [الإسراء : ٥٣] ، (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) [النور : ٣٠] ، وتقول : (لا تعص الله يدخلك الجنة) ، رب وفقني أطعك ، ألا تنزل تصب خيرا ، ليت لي مالا أنفق