وزعم ابن عصفور في «المقرب» أنها حرف يربط جملة القسم بجملة المقسم عليه ، والذي نص عليه سيبويه أنها زائدة ، ونص في موضع آخر على أنها بمنزلة لام القسم الموطئة ، وقال أبو حيان : الذي يذهب إليه في (أن) هذه غير هذه المذاهب الثلاثة ، وهو أنها المخففة من الثقيلة وهي التي وصلت ب : (لو) ، كقوله تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا) [الجن ١٦] ، وتقديره أنه إذا قيل : أقسم أن لو كان كذا لكان كذا ، فمعناه أقسم أنه لو كان كذا لكان كذا ، ويكون فعل القسم قد وصل إليها على إسقاط حرف الجر ، أي : أقسم على أنه لو كان فصلاحية أن المشددة مكانها يدل على أنها مخففة منها وتزاد شذوذا بعد (كي) ، وقاسه الكوفيون نحو : جئت لكي أن أكرمك ، قالوا : ولا موضع ل : (أن) ؛ لأنها مؤكدة للام كما أكدتها كي ، وبعد كاف الجر كقوله :
١٠٤٣ ـ ويوما توافينا بوجه مقسّم |
|
كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم |
وبعد إذا كقوله :
١٠٤٤ ـ فأمهله حتى إذا أن كأنّه |
|
معاطي يد في لجّة الماء غامر |
الموضع الثاني : التفسير أثبته البصريون ، وأنكر الكوفيون كون ذلك من معانيها وهي عندهم الناصبة للفعل ، قال أبو حيان : وليس ذلك بصحيح ؛ لأنها غير مفتقرة إلى ما قبلها ، ولا يصح أن تكون المصدرية إلا بتأويلات بعيدة ، والكلام على مذهب البصريين فنقول : أجريت أن في التفسير مجرى ، أي : لكن تفارقها في أنها لا تدخل على مفرد ، لا يقال : مررت برجل أن صالح ، وكأنهم أبقوا عليها ما كان لها من الجملة وهي في هذا غير مختصة بالفعل ، بل تكون مفسرة للجملة الاسمية والفعلية نحو : كتبت إليه أن افعل وأرسل إليه أن ما أنت وهذا ، ومنه : (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ) [الأعراف : ٤٣] ، ول : (أن) التفسيرية شرطان :
أحدهما : أن تكون مفسرة لما يتضمن القول أو يحتمله ، لا لقول مصرح به أو محذوف أو فعل متأول بمعنى القول ، فإن صرح بالقول خلصت الجملة للحكاية دون (أن)،
__________________
١٠٤٣ ـ البيت من الطويل ، وهو لعلباء بن أرقم في الأصمعيات ص ١٥٧ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٨١٣ ، وتقدم الشاهد برقم (٥٤٠).
١٠٤٤ ـ البيت من الطويل ، وهو لأوس بن حجر في ديوانه ص ٧١ ، وفيه «غارف» مكان «غامر» ، وشرح شواهد المغني ١ / ١١٢ ، وبلا نسبة في شرح التصريح ٢ / ٢٣٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٣١ ، ومغني اللبيب ١ / ٣٤ ، وشرح الرضي ٤ / ١١٥ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٣٧٦.