فقال النبي صلىاللهعليهوآله لبعض من سأله عن الطريق الذي سلكه في اتّباعه واللحوق به : « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » وعنى في سلوك الطريق دون غيره (١).
وعلى هذا فليس الحديث على إطلاقه ، بل كانت تحفّه قرائن تخصّه بمورده ، فأسقط الرّاوي القرائن عن عمدٍ أو سهو ، فبدأ بظاهره أمراً مطلقاً بالاقتداء بالرجلين ... وكم لهذه القضية من نظير في الأخبار والأحاديث الفقهية والتفسيريّة والتاريخية ... ومن ذلك ... ما في ذيل « حديث الاقتداء » نفسه في بعض طرقه ... وهذا ما نتكلم عليه بإيجاز ... ليظهر لك أن هذا الحديث ـ لو كان صادراً ـ ليس حديثاً واحداً ، بل أحاديث متعددة صدر كل منها في مورد خاص لا علاقة له بغيره ...
لقد جاء في بعض طرق هذا الحديث :
« اقتدوا باللذين ...
واهتدوا بهدي عمّار.
وتمسكوا بعهد ابن اُم عبد. أو : إذا حدثكم ابن ام عبد فصدقوه أو : ما حدّثكم ابن مسعود فصدّقوه ».
فالحديث مشتمل على ثلاث فقر ، الاولى تخص الشيخين ، والثانية عمار بن ياسر ، والثالثة عبد الله بن مسعود.
أمّا الفقرة الاولى فكانت موضوع بحثناً ، فلذا أشبعنا فيها الكلام سنداً ودلالة ... وظهر عدم جواز الاستدلال بها والأخذ بظاهر لفظها ، وأن من المحتمل قوّ ياً وقوع التحريف في لفظها أو لدى النقل لها بإسقاط القرائن الحافّة بها الموجب لخروج الكلام من التقييد إلى الإطلاق ، فإنه نوع من أنواع التحريف ، بل من أقبحها
__________________
(١) تلخيص الشافي ٣ / ٣٨.