وأشنعها كما هو معلوم لدى أهل العلم.
وأمّا الفقرتان الاخريان فلا نتعرّض لهما إلاّ من ناحية المدلول والمفاد لئلاّ يطول بنا المقام ... وإن ذكراً في فضائل الرجلين ، وربّما استدلّ بهما بعضهم في مقابلة بعض فضائل أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ... فنقول :
قوله : « اهتدوا بهدي عمّار » معناه : « سيروا بسيرته واسترشدوا بإرشاده ».
فكيف كانت سيرة عمار؟ وما كان إرشاده؟
وهل سار القوم بسيرته واسترشدوا بإرشاده؟!
هذه كتب السير والتواريخ بين يديك!!
وهذه نقاط من « سيرته » و « إرشاده » :
تخلف عن بيعة أبي بكر (١) وقال لعبد الرحمن بن عوف ـ حينما قال للناس في قصة الشورى : أشيروا علي ـ « إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع علياً » (٢). وقال ـ بعد أن بويع عثمان ـ : « يا معشر قريش ، أمّا إذا صدفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبييكم هاهنا مرة هاهنا مرة ، فما أنا بآمن من أن ينزعه الله فيضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله » (٣) وكان مع علي عليهالسلام منذ اليوم الأول حتى استشهد معه بصفين وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « عمّار تقتله الفئة الباغية » (٤) و « من عادى عماراً عاداه الله » (٥).
ثم لماذا أمر النبّي صلىاللهعليهوآله بالاهتداء بهدي عمّار والسير على سيرته؟ لأنه قال له من قبل : « ياعمّار ، إن رأيت علياً قد سلك وادياً وسلك الناس كلّهم وادياً
__________________
(١) المختصر في أخبار البشر ١ / ١٥٦ ، تتمّة المختصر ١ / ١٨٧.
(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٢٩٧ ، الكامل ٣ / ٣٧ العقد الفريد ٢ / ١٨٢.
(٣) مروج الذهب ٢ / ٣٤٢.
(٤) المسند ٢ / ١٦٤ ، تاريخ الطبري ٤ / ٢ و ٤ / ٢٨ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٢٥٣ ، الخصائص : ١٣٣ ، المستدرك ٣ / ٣٧٨ ، عمدة القاري ٢٤ / ١٩٢ ، كنزالعمال ١٦ / ١٤٣.
(٥) الاستيعاب ٣ / ١١٣٨ ، الإصابة ٢ / ٥٠٦ ، كنز العمال ١٣ / ٢٩٨ ، إنسان العيون ٢ / ٢٦٥.