قال أبو حيان : وهو مردود بأن العرب صغرتها على لفظها ، ولو كانت جموعا ردت في التصغير إلى مفرداتها ، وخالف الفراء في كل ما له واحد موافق في أصل اللفظ كبسر وغمام وسحاب ونحوها ، ورد بأنه لو كان جمعا لم يجز وصفه بالمفرد وقد وصف به قال تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) [فاطر : ١٠] ، (أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) [القمر : ٢٠] ، ومن الواقع على جمع ما يقع على الواحد والجمع بغير تغيير ظاهر فإما أن يثنى أو لا ، فإن لم يثن فإنه ليس بجمع كالمصدر إذا أخبر به أو وصف به أو وقع حالا ، ونحو : جنب أيضا فإن الأفصح فيهما ألا يثنيا ولا يجمعا فليسا بجمعين ، وإن ثني فهو جمع عند الأكثرين كفلك وهجان ودلاص فإنها تطلق على المفرد والجمع ، ففلك في حالة الإفراد نظير قفل وفي حالة الجمع نظير رسل ، وهجان في حالة الإفراد نظير لجام ، وفي حالة الجمع نظير كرام ، فقدر التغيير في حالة الجمع بتبدل الحركات ، ولم يجعل من باب المشترك لوجود تثنيته في كلامهم ، بخلاف نحو : جنب فإنه هكذا المفرد والمثنى والمجموع على الفصيح ، وإن كان بعضهم قد ثناه فيكون إذا ذاك من باب فلك ، فلما ثنيت دل ذلك على عدم الاشتراك.
وذهب آخرون إلى أن باب فلك ونحوه أسماء جموع وأنه لا تغيير فيها مقدرا ، فيكون إذ ذاك من قبيل المشترك بين المفرد والجمع ، ولا يمتنع أن يوضع لفظ مشترك بين المفرد والجمع ؛ لأنهما معنيان متغايران بكيفية الإفراد والجمع ، وإن كنت إذا أطلقته على الجمع دل على المفرد والجمع ضم مفردات ينظمهن لفظ ، كما لم يمتنع أن يوضع المشترك بين الكل وجزئه نحو : إنسان فإنه موضوع لهذا الشخص وموضوع لإنسان العين ، وإن كنت إذا أطلقته على الإنسان دل بطريق التضمين على إنسان العين ، فكما لم يمتنع وضع مثل هذا فكذلك لا يمتنع بين المفرد والجمع وهو في هذا أسهل ؛ لأنه ليس فيه أكثر من ضم أمثال ، بخلاف إنسان فإن المباينة فيه أكثر ؛ لأن مباينة الجزء للكل أكثر من مباينة المفرد للجمع ، وهذا الرأي صححه ابن مالك في «التسهيل» ، وقال بعض النحويين : الفلك اسم مفرد يذكر ويؤنث ، وقوله تعالى : (وَالْفُلْكَ تَجْرِي) [الحج : ٦٥] على التأنيث المسموع فيه وهو مفرد واللام للجنس ، وقوله : (وَجَرَيْنَ بِهِمْ) [يونس : ٢٢] ، أعيد فيه على المعنى كما قالوا : الدينار الصفر ، والدرهم البيض ، وغير هذا القائل يجعله دليلا على الجمع.
التصغير
(ص) المصغر هو المصوغ لتحقير أو تقليل أو تقريب أو تعطف ، قال الكوفية : أو