والحكم على الحكم عند صاحب هذا المذهب ، والذين قالوا بالقياس في مثل هذه الأشياء اختلفوا في المعتل والصحيح أنهما باب واحد ، فما سمع في أحدهما قيس عليه الآخر ، أو هما بابان متباينان يجري في أحدهما ما لا يجري في الآخر ، فذهب سيبويه وجماعة إلى أنهما باب واحد ، وذهب الجرمي والمبرد إلى أنهما بابان.
الحذف القياسي والشاذ
(ص) الحذف يطرد في ألف ما الاستفهامية المجرورة ، وفاء نحو : وعد في مضارعه وأمره ومصدره محركة عينه بحركتها ، وهمز أفعل في مضارعه ووصفيه ما لم تقلب هاء أو عينا ، وعين فيعلولة ، خلافا للكوفية ، وواو فيعل وفيعلة وفي قياس يائهما خلف وفاء (مر) لا بعد واو أو فاء وخذ وكل ، وما خرج عن ذلك من حذف أو إبقاء فشاذ ، ومنه خلافا للشلوبين حذف عين ، وقيل : لام أحس وظل ومس مبنيا على السكون مكسور أول الأخيرين ومفتوحا ، وقل في أمر ومضارع ويا نحو : استحيى ، وفروعه وكثر في أبالي جزما ، واللام واوا ومنه اسم خلافا للكوفية ، والياء والهاء قليل ، والهمزة والنون وفي غير اللام أقل.
(ش) الحذف قسمان مقيس وشاذ ، فالمقيس حذف ألف ما الاستفهامية المجرورة نحو : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) [النبأ : ١] ، (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) [النازعات : ٤٣] ، (لِمَ تُؤْذُونَنِي) [الصف : ٥] ، (مجيء م جئت) ، وشذ إبقاؤها في قوله :
١٨٠٩ ـ على ما قام يشتمني لئيم
وقيل : إن ذلك لغة لبعض العرب ، وخرج عليها بعضهم قوله تعالى : (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي) [يس : ٢٦ ـ ٢٧] ، أي : بأي شيء؟ قال الخضراوي : وهذا قول مرغوب عنه ، وخرج بالاستفهامية الموصولة والشرطية فلا يحذف ألفها وإن دخل عليها الجار ، وذكر أبو زيد والمبرد أن حذف ألف (ما) الموصولة ثبت لغة كثير من العرب ، يقولون : (سل عم شئت) ؛ لكثرة استعمالهم إياه ، وخرج بالمجرورة المرفوعة والمنصوبة فلا يحذف الألف منها إلا في الضرورة كقوله :
__________________
١٨٠٩ ـ البيت من الوافر ، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص ٣٢٤ ، والأزهية ص ٨٦ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٣٠ ، ٦ / ٩٩ ، ١٠١ ، ١٠٢ ، ١٠٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٤٥ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٢٤ ، ولسان العرب ١٢ / ٤٩٧ ، مادة (قوم) ، والمحتسب ٢ / ٣٤٧ ، ومغني اللبيب ١ / ٢٩٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٥٤ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٤٠ ، وتقدم عرضا مع الشاهد (٤٠٤).