قال أبو حيان : وهذا حسن ، وسمي اللام منحرفا ، وزاد الكوفيون الراء فهما عندهم حرفا الانحراف ، قالوا : لانحرافهما عن مخرج النون ، وقال بعضهم : وصفت اللام بالانحراف ؛ لأنها انحرفت عن مخرجها إلى مخرج غيرها ، وعن صفتها إلى صفة غيرها ، وقال المهدوي : سميت بذلك ؛ لأنها شاركت أكثر الحروف في مخارجها ، وقال القيرواني : هي من الحروف الرخوة لكنها انحرف اللسان بها مع الصوت إلى الشدة.
وسمي الراء المكرر ؛ لأنها تتكرر على اللسان عند النطق بها كأن طرف السان يرتعد بها فكأنك نطقت بأكثر من حرف واحد ، وأظهر ما يكون التكرير إذا كانت الراء مشددة أو وقف عليها ، وسمي الهمز المهتوت من الهت وهو عصر الصوت ؛ لأنها معتصرة كالتهوع ، أو من الهت وهو الحطم والكسر ؛ لأنها يعرض لها الإبدال كثيرا فتنحطم وتنكسر.
وسمي الهاوي ؛ لأنه يهوي في الفم فلا يعتمد اللسان على شيء منها ، إذا تقرر ذلك فلا يدغم في المتقارب ضاد ولا واو ولا ياء ولا ميم ولا شين ولا فاء ولا همزة ولا راء هذا مذهب سيبويه والخليل وأكثر النحويين ، وجوز أبو عمرو ويعقوب الحضرمي واليزيدي من البصريين ، والكسائي والفراء وأبو جعفر الرؤاسي من الكوفيين ، وتبعهم ابن مالك وأبو حيان إدغام الراء في اللام نحو : (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) [الفتح : ١٤] ، (وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) [النساء : ٦٤].
ولا يدغم حرف صفيري وهو الصاد والسين والزاي في مقاربه مما ليس صفيريا ، ويدغم في مقارب صفيري فتدغم الصاد في السين وفي الزاي ، والسين في الصاد ، والزاي في الصاد والسين نحو : فحص سالم ، فحص زاهر ، حبس صابر ، حبس زاهر ، أوجز صابر أوجز سالم ، وعند إدغام الصاد في السين وكذا كل مطبق أدغم في غيره.
قال أبو حيان : بعض العرب يبقي الإطباق كما يبقي الغنة في إدغام النون ، وبعضهم يذهبه ، وقال سيبويه : كل عربي يرى إبقاء الإطباق وتركه ، ولا يدغم حرف حلقي في أدخل منه إلا الحاء في العين نحو : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ) [آل عمران : ١٨٥] ، فلا تدغم الحاء في الهاء ، ولا الهاء في العين ، ولا العين في الهاء ، وإن كانت العين أقرب مخرجا إلى الهاء من الحاء ؛ لتباعدها في الصفات ؛ لأن الهاء مهموسة رخوة والعين مجهورة وفيها شدة.
ولا يدغم من المقارب ما يؤدي إلى لبس بتركيب آخر نحو : أنملة ، لا يجوز فيها الإدغام ؛ لأنها لو أدغمت لأوهم أنها من المضاعف ، أي : مما ضعف فاؤه وعينه ؛ لأنه لا يدرى هل الأصل أنملة أو أملة ؛ لأن كليهما وزنه أفعلة ، وما عدا ما ذكر يجوز فيه الإدغام