يضربوا ، فالأخفش يجعله كالماضي والأمر في لحاق الألف ، وبعض البصريين لا يلحقها ، وقد اختلفوا في سبب زيادتها فقال الخليل : لما كان وضعها على المد وعلى ألا تتحرك أصلا زادوا بعدها الألف ؛ لأن فصل صوت المد بها ينتهي إلى مخرج الألف ، وقال بعضهم : فصلوا بها بين الضمير المنفصل والضمير المتصل نحو : ضربوهم ، إذا كان الضمير مفعولا لم يكتبوا الألف ، وإذا كان تأكيدا كتبوها فرقا بين الضميرين ، وبترك الألف في خط المصحف في : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ) [المطففين : ٣] استدلوا على أن الضمير مفعول ، وأنه ليس ضمير رفع منفصلا توكيدا لواو الجمع.
ثم اطردت زيادة هذه الألف في كل واو جمع وإن لم يلحقها ضمير ، وذهب الأخفش وابن قتيبة إلى أنها فصل بها وبين واو الجمع وواو النسق نحو : (كفروا) و (وردوا) و (جاؤوا) ، ونحوها من الواوات المنفصلة عن الحرف قبلها ، هذا هو الأصل ، ثم حذفوا على ذلك من الواوات المتصلة بالحرف قبلها نحو : (ضربوا) ؛ ليكون الباب واحدا ، ولهذا لم تلحق بالمفرد نحو : (يدعو) ؛ لأنها لاتصالها لا يعرض فيها من اللبس ما يعرض مع واو الجمع ، ولذلك سموا هذه الألف ألف الفصل ، وعلل مذهب الفراء بأنها زيدت للفرق بين الواو المتحركة والواو الساكنة ، وعلل مذهب الكسائي بأنها زيدت فرقا بين الاسم والفعل ، وقال بعضهم : فرقوا بها بين الواو الأصلية والواو الزائدة.
وزيدت ألف أيضا في (مائة) ، قال أبو حيان : وذلك للفرق بينها وبين (منه) ، وكانت الزيادة من حروف العلة ؛ لأنها تكثر زيادتها ، وكانت ألفا ؛ لأنها تشبه الهمزة ، ولأن الفتحة من جنس الألف ، ولم تكن ياء ؛ لأنه كان يجتمع حرفان مثلان ، ولا واوا لاستثقال الجمع بين الياء والواو ، وجعل الفرق في (مائة) دون (منه) إما لأن (مائة) اسم و (منه) حرف والاسم أحمل للزيادة من الحرف ، وإما لأن (المائة) محذوفة اللام يدل على ذلك (أمأيت الدارهم) ، فجعل الفرق في (مائة) بدلا من المحذوف مع كثرة الاستعمال ، ولذلك لم يفصلوا بين فئة و (فيه) ؛ لعدم كثرة الاستعمال.
وقال محمد بن حرب البصري المعروف بالملهم صاحب الأخفش : «كانت هذه الألف في مائة أولى منها بمنه ؛ لأن أصل مائة مئية على وزن فعلة من مئيت ، والهمزة تقع مفتوحة في لفظ ألف ، وينكسر ما قبلها ، فيستحق بذلك أن تكتب ياء ، فألزموها العلتين جميعا الياء للكسرة والألف للفتحة ، ولأن العدد أولى بالتوكيد والعلامات من غيره» اه.
قال أبو حيان : والدليل على أن الأصل في (مائة) (مئية) قول الشاعر :