١٨١٨ ـ فقلت والمرء تخطيه منيّته : |
|
أدنى عطيّته إيّاي مئيات |
وضعف الكوفيون تعليل البصريين بأن (مائة) اسم و (منه) حرف فهما جنسان مختلفان ، والفرق ينبغي أن يجعل في متحد الجنس ، يدل على ذلك أنهم لم يفرقوا بين (فئة) و (فيه) ؛ لاختلافه ، قالوا : وإنما زيدت فرقا بينها وبين (فئة) و (رئة) في انقطاع لفظها في العدد ، وعدم انقطاع (فئة ورئة) ؛ لأنك تقول : تسع مائة ، ولا تقول : عشر مائة ، بل تقول : ألف ، وتقول : تسع فئات وتسع رئات وعشر فئات وعشر رئات ، فلا ينقطع ذكرها به في التعشير ، فلما خالفتها فيما ذكر خالفوا بينها وبينها في الخط.
قال أبو حيان : وقد رأيت بخط بعض النحاة (مأة) هكذا بألف عليها همزة الهمزة دون ياء ، وقد حكي كتب الهمزة المفتوحة إذا انكسر ما قبلها بالألف عن حذاق النحويين منهم الفراء روي عنه أنه كان يقول : يجوز أن تكتب الهمزة ألفا في كل موضع.
وقال ابن كيسان : ومنهم من يكتب الهمزة ألفا على حركتها في نفسها ، وإن كان ما قبلها مكسورا ، قال أبو حيان : وكثيرا ما أكتب أنا (مئة) بغير ألف كما تكتب (فئة) ؛ لأن كتب مائة بالألف خارج عن الأقيسة ، فالذي أختاره أن تكتب بالألف دون الياء على وجه تحقيق الهمزة ، أو بالياء دون الألف على وجه تسهيلها ، قال : وحكى صاحب «البديع» أن منهم من يحذف الألف من مائة في الخط ، قال : وأما زيادة الألف في مائتين ففيها خلاف ، منهم من يزيدها وهو اختيار ابن مالك ؛ لأن التثنية لا تغير الواحد عما كان عليه بخلاف الجمع ، ومنهم من لا يزيدها كما لم يزدها في الجمع ؛ لأن موجب الزيادة قد زال ، واتفقوا على أنها لا تزاد في الجمع نحو : مئات ومئون.
وزيدت واو في أولئك وأولو وأولات ، قال أبو حيان : أما أولئك فتضافرت النصوص على أنهم زادوا الواو فيها فرقا بينها وبين إليك ، وكانت الواو أولى من الياء لمناسبة ضمة الهمزة ، ومن الألف لاجتماع مثلين ، وجعل الفرق في أولئك ؛ لأن الزيادة في الأسماء أكثر ، ولأن (أولئك) قد حذف منه ألف فكانت الزيادة فيه أولى ليكون كالعوض
__________________
١٨١٨ ـ البيت من البسيط ، وهو لتميم بن مقبل في المقاصد النحوية ٢ / ٣٧٦ ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٥٠٨ ، واللسان ، والتاج مادة (ضربج) ، وتهذيب اللغة ١١ / ٢٤٠ ، انظر المعجم المفصل ١ / ١٣٦ ، وتقدم عرضا مع الشاهد (٥٧١).