(ش) رسم المصحف متبع لاتباع السلف رضياللهعنهم ، وقد وقع فيه أشياء كثيرة من الوصل والفصل والزيادة والحذف والبدل على خلاف ما تقدم تقريره كوصل (أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) [القيامة : ٣] ، (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ) [الزمر : ٩] ، وفصل وزيادة ياء في بأييد [الذاريات : ٤٧] ، و (مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) [الأنعام : ٣٤] ، و (وَمَلَائِهِ) [الأعراف : ١٠٣] ، و (وَمَلَائِهِمْ) [يونس : ٨٣] ، وألف في (الرِّبا) [البقرة : ٢٧٥] ، و (إِنِ امْرُؤٌ) [النساء : ١٧٦] ، وحذف ألف نشئؤا [:] ، وكتابة واو صورة الهمزة وزيادة ألف بعدها ، وكتابة (ما زَكى) [النور : ٢١] بالياء وقياسه الألف ؛ لأنه من ذوات الواو ، وكتابة (الصلاة) و (الزكاة) و (الحياة) و (مشكاة) و (مناة) و (الربا) بواو بدل الألف ، وهذا كله مما ينقاد إليه في كتابه المصحف ، ولا يقاس عليه خارجه ، بل إذا وقعت هذه الألفاظ ونحوها في غير القرآن لم تكتب إلى على القوانين السابقة ، ولهذا قال ابن درستويه : خطان لا يقاسان خط المصحف والعروض.
قال أبو حيان : وذلك أن العروضيين يكتبون ما يسمع خاصة ؛ إذ الذي يقيد به في صفة العروض إنما هو ما يلفظ به ؛ لأنهم يريدون به عد الحروف التي يقوم بها الوزن متحركا كان أو ساكنا ، فيكتبون التنوين نونا ولا يراعون حذفها في الوقف ، والمدغم حرفين ، ويكتبون الحروف بحسب أجزاء التفعيل ، فقد تقطع الكلمة بحسب ما يقع من تبيين الأجزاء كقوله :
يا دارمي يتبل علياء فس سندي |
|
أقوتوطا لعلي ها سالفل أمدي |
لأن تقطيعه (مستفعلن فعلن) أربع مرات وكتابة هذا البيت في الخط الذي ليس في علم العروض :
١٨١٩ ـ يا دار مية بالعلياء فالسند |
|
أقوت وطال عليها سالف الأمد |
قال : فقد صار الاصطلاح في الكتابة على ثلاثة أنحاء اصطلاح العروض واصطلاح كتابة المصحف واصطلاح الكتّاب في غير هذين.
قال : وعلم الخط ـ ويقال له : الهجاء ـ ليس من علم النحو ، وإنما ذكره النحويون في كتبهم لضرورة ما يحتاج إليه المبتدئ في لفظه وفي كتبه ، ولأن كثيرا من الكتابة مبني على
__________________
١٨١٩ ـ تقدم الشاهد برقم (٢٥٨) ، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص ١٤ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٢٤٧.