قال : فأنت فاعل لم ينفع مضمرا وجاز إضماره ؛ لأنه مطاوع (ينفع) والمطاوع يستلزم المطاوع ويدل عليه ، قال أبو حيان : وهذا منعه أصحابنا وأولوا البيت على أنه مما وضع فيه ضمير الرفع موضع ضمير النصب ، أو رفع بإضمار فعل يفسره المعنى وليس من باب الاشتغال.
(واختلف هل شرط الاشتغال أن ينتصب الضمير والسابق من جهة واحدة) فقيل : نعم وعليه الفارسي والسهيلي والشلوبين في أحد قوليه ، فإن كان نصب الضمير على المفعولية شرط نصب السابق عليها أو الظرفية فكذلك ، ولا يجوز نصب الضمير على المفعولية مثلا ، والسابق على المفعول له أو الظرف فلا يقال : زيدا قمت إجلالا له أو زيدا جلست مجلسه ، وقيل : لا يشترط ذلك ، وعليه سيبويه والأخفش والشلوبين في آخر قوليه ، قال سيبويه : أعبد الله كنت مثله ، أي : أأشبهت عبد الله فانتصب السابق مفعولا والمتأخر خبرا ل : (كان).
خاتمة
(الاشتغال في الرفع) بأن يكون في الاسم على الابتدائية أو على إضمار فعل ، (كالنصب فيجب الابتداء في زيد قام) لعدم تقدم ما يطلب النصب لزوما أو اختيارا (خلافا لابن العريف) أبي القاسم حسين بن الوليد حيث جوز فيه الفاعلية بإضمار فعل يفسره الظاهر ، قال أبو حيان : وهي نزعة كوفية ، أي : لبنائه على جواز تقدم الفاعل على الفعل ، (ويرجح الابتداء في) نحو : (خرجت فإذا زيد قد ضربه عمرو) لرجحان مرفوع الاسم بعد (إذا) ، وجواز وقوع الفعل مع قد بعدها بقلة ، (وتجب الفاعلية في) نحو : (إن زيد قام) لما تقدم من اختصاص أدوات الشرط بالفعل ، (خلافا للأخفش) في قوله بجواز الابتداء أيضا مع رجحان الفاعلية عنده ، (وترجح) الفاعلية (في) نحو : (أزيد قام خلافا للجرمي) في قوله بجواز الابتداء فيه (ويستويان) أي : الابتداء والفاعلية (في أزيد قام وعمرو قعد) لأن الجملة الأولى ذات وجهين فالابتداء عطفا على الصدر ، والفاعلية عطفا على العجز ، (وجوز قوم نصب) نحو : (أزيد ذهب به على إسناد ذهب للمصدر) أي : إلى ضميره وهو الذهاب ، وكأنه قيل : أذهب هو ، أي : الذهاب بزيد فيكون (به) في موضع نصب ، وضعفه ابن مالك بأنه مبني على الإسناد إلى المصدر الذي تضمنه الفعل ، ولا يتضمن الفعل إلا مصدرا غير مختص والإسناد إليه منطوقا به غير مفيد فكيف إذا لم يكن منطوقا به ، وسيبويه والجمهور على منع النصب.