بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
مقدمة المؤلف
الحمد لله الذي أذلّ بالعلم رقاب أهل الجهل ، وكسر بصدمته كلّ بارد الشّكل سخيف العقل ، وجعل اليد العليا لمن اتّبع هدي المصطفى صلىاللهعليهوسلم ، وشرّف وكرم ، أحمده على ما خوّل من النّعم ، ودفع من النّقم ، وأصلّي على خير أنبيائه صلاة دائمة بدوامه ، كفيلة بفضله وإنعامه. وبعد ؛
فإنّ الله تعالى رفع أهل العلم بما علّمهم ، وشرّفهم بما وهبهم ، من معرفة كتابه وسنّة نبيه صلىاللهعليهوسلم ، ثمّ عظّم لهم الأجر بما سلّط عليهم من جهلة النّاس ، نعوذ بالله من الوسواس الخنّاس ، تجدهم يحرصون على هضم جانب العلماء ولو تمكنوا لأبادوهم عن آخرهم بسعيهم عليهم وتوقّع هلاكهم ، كلّ ذلك لأجل قيامهم عليهم بالحقّ عند خلافهم الشرع ، وما هذه إلا بلية ، وفتنة جاهلية ، قدّرها الله تعالى على العلماء الذين هم ورثة الأنبياء.
قال عليّ رضياللهعنه :
كلّ امرئ قدره ما كان يحسنه |
|
وللرّجال على الأفعال أسماء |
وضدّ كلّ امرئ ما كان يجهله |
|
والجاهلون لأهل العلم أعداء |
في أبيات له رضياللهعنه.
هذا في زمانه ، ولا شكّ أنّ زمانه خير من زماننا ، ومن زمان من قبلنا ، لكنّ جهل زماننا مركب من جهلين : يجهلون ، ويجهلون أنّهم يجهلون.
إذا كنت لا تدري ولم تك بالذي |
|
تسائل ذا علم فياضيعة العمر |
ومن أعظم الأشياء أنّك جاهل |
|
وأنّك لا تدري بأنك لا تدري |