فصل في ذكر قضاتنا وأئمتنا
وكان أولى أن يكونوا أحق بالتقديم في الذكر ، غير أن قصدي من معظم من ذكرته ، تنبيه من قدمته ، وإنما ذكرت من سواهم تبركا بهم ، وحضا لغيرهم على اقتفاء آثارهم ، فالضد يظهر حسنه الضدّ ، ولم أجر فيما ذكرته على منوال ، ولا رتبته على مثال ، بل من سبق إلى الفكرة ذكره قدمته ، ومن أخّره الفكر لم يسرع به الذكر.
فأول من أدركته من قضاتنا وأئمتنا الشيخ الإمام العلامة سراج الدين عمر (١) بن أحمد الخضري بن ظافر بن طراد بن أبي الفتوح الأنصاري الخزرجي ، كان ـ رحمهالله ـ فقيها مجيدا أصوليا نحويا متفننا في علوم جمة ، حدث عن الرشيد العطار ، وأجاز له الشريف المريسي المنذري ، وتفقه بعز الدين بن عبد السلام قليلا ، ثم بالسديد التزمنتي ، والنصير (٢) بن الطباخ وأئمة وقته.
٧ قدم المدينة سنة اثنتين وثمانين وستمائة متوليا للخطابة ، وكانت الخطابة بأيدي آل سنان بن نميلة الشريف الحسيني ، وكان الحكم أيضا راجعا إليهم ، ولم يكن لأهل السنة خطيب ولا إمام ولا حاكم منهم ، والظاهر أن ذلك منذ استولى العبيديون على مصر والحجاز ، فإن الخطبة في المدينة كانت باسمهم.
فلما كان في سنة اثنتين وستين وستمائة ، وقع في مصر قحط ووباء لم
__________________
(١) ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ٣٢٨ (٣٢١) ، «الدرر الكامنة» ٣ / ١٤٩ (٣٥٣) ، «طبقات الشافعية» للإسنوي ٢ / ٧٢ (٦٦٢).
(٢) في «الدرر» و «طبقات» الأسنوي : «البصير».