فصل
في ذكر جماعة من المجاورين القدماء والمشايخ الصلحاء والتعريف بكشف أحوالهم ومناقبهم وأصف لفروعهم طيب أصولهم ، ليتخلقوا بأخلاقهم ، ويتأدبوا بآدابهم ، ويكتسبوا من محاسنهم في الأقوال والأفعال.
وفي مثل ذلك يقال :
أرى كل عود نابت في أرومة |
|
أبى صالح العيدان أن يتغيّرا |
بنو الصالحين الصالحون ومن يكن |
|
لآباء صدق فهو بالخير أجدرا |
فمن أولهم وأولاهم بالذكر ذو الولاية العلية ، والمقامات السنية ، الشيخ الصالح الولي الرباني ، أبو محمد عبد الله البسكري (١) ، كان في بلاده من أكابرها في النسب ، ومن أعيانها في المال والحسب ، خرج عن ذلك كله ، وانقطع إلى الله تعالى ورسوله ، وخرج مجردا فقيرا ، صحب مشايخ وقته شرق البلاد وغربها. ومنهم الشيخ أبو محمد المرجاني (٢) وغيره ، ثم أوى إلى المدينة في وقت شديد ، على قدم التجريد ، فأقام أولا بالمدرسة الشهابية مدة ، ثم انتقل إلى رباط دكالة ومعه جماعة من أهل المجاهدة والصبر ، فمكث به سنين لا يعلم حاله أحد ، ولم يتعرض لزوجة ولا ولد ، كان وأصحابه يطوون الأيام على غير شيء من الطعام.
__________________
(١) هو : عبد الله بن عمر بن موسى ، أبو محمد البسكري المغراوي. ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ٦٦ (٢١٨١) ، نقلا عن ابن فرحون ، ووقع في الترجمة المذكورة :«اليشكري» ، وهو خطأ.
(٢) هو : عبد الله بن عبد الملك القرشي البكري المرجاني ، صاحب كتاب «بهجة النفوس والأسرار في تأريخ دار هجرة المختار». ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ٢ / ٥٦ (٢١٣٥).